ولازلنا نحوم حول الأمانة وأمامنا بعض المفاتيح .. نسأل الله أن يمنّ علينا بفتح من عنده ونرى ما تقرّ به أعيننا من هذا الكنز العظيم ..
.....
خلق الله لنا قدمين لنمشى بهم على الأرض ، فنظر الإنسان إلى السماء فرأى الطير ، فمازال يحاول جاهدا حتى طار وحلق معه ..
وذلّل الله لنا الأرض حتى نسير عليها ، فأعجبه الماء وكيف يعج بالمخلوقات ، فما صبر حتى غاص فى الأعماق و ركب البحر ..
و لم يستهويه ليله الطويل ولا خلوده للنوم والراحة ، بل أحيا الليالى بالكهرباء حتى أصبح ليله كصباحه ..
وسارع فى دنيا العلوم والتكنولوجيا حتى انسلخ وخرج عن حدود جسمه ، فلم يعد يقيده بعد ذلك زمان ولا مكان ...
فطموح الإنسان ليس له نهاية ، والله أعطاه الإرادة الحرة والقدرة على التغيير والتطور ، متفردا بذلك على سائر المخلوقات ..
وما كانت تلك الهبة إلا ليبلغ القمة فى معرفته بالله ، معطيا إياه الفرصة للتربع بكدّه وعرقه فوق هرم العبودية ، متفوقا بذلك على سائر الخلائق أدناه ..
تلك الدرجة الرفيعة والمكانة العالية التى أحبها الله لبنى الإنسان ..
ولكن أكثر البشر أحبوا أنفسهم ونسوا الله ، واغتروا بما وهبهم الله من إرادة وقدرة وجعلوا من أنفسهم ندا لله ،
( قال إنما أوتيته على علم عندي ) .. ولم يقل ( وما توفيقي إلا بالله ) ..
فما زادتهم المعرفة إلا جهلا بالله ، وما زادهم كدهم وعرقهم فى الدنيا إلا بعدا عن الله ..!!
فالمعرفة كقيمة لا تساوى شيئا إلا إذا كانت إبتغاءً لوجه الله (وأن إلى ربك المنتهى ) ،
أما إن كانت وجهتها لغير الله ، فهى تسير فى عكس سير كل الخلائق بحيث يصبح أقل المخلوقات حظا فى معرفته بالله أعلى درجة بكثير من هذا الذى يسير مبتعدا عن محبة ربه متبعا لهواه ..
( أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا )
نعم هم أضل سبيلا سقطوا من مملكة العبودية إلى جهنم وبئر الحرمان ..
نسأل الله أن يعلمنا ويرزقنا محبته ولا نسلك إلا الطريق الذى يرضاه ..
أعتقد إننا إقتربنا كثيرا بذلك من رؤية أعظم مافى الأمانة من معانى .. ولازال البحث جاريا ..

