الاثنين، 18 يناير 2016

" أبـعـــــاد مـخـفـيـــــة ؟! "



الإيمان بالغيب يجعلنا ندرك بعدا آخر للكون فوق أبعاده المكانية والزمانية ..

فإن كانت أبصارنا وحواسنا تدرك الزمان والمكان ، فبالبصيرة التى محلها القلب ندرك البعد الخفى للأشياء ، ونرى قيمتها الحقيقية فى هذا البعد ووزنها فى ميزان الله ..

وكم من الأعمال العظيمة تدركها حواسنا ، وهى فى ميزان الله وفى هذا البعد _من حيث النيّة والإخلاص_ لاقيمة لها ووضيعة ،
والعكس بالعكس والنصوص فى ذلك كثيرة ...

وعلى ذلك يخطئ من يحصر حركة الإنسان فقط فى أبعاده المرئية والزمانية ، فالإيمان بالغيب يدعونا لإدرك كنه حركته الصاعدة والهابطة فى هذا البعد الخفى ، التى تكون بقدر ما يرفعه إيمانه أو تحط خطاياه من منزلته ..
صعودا وارتقاءً ومحبةً لله وقربا ، أو نزولا وتسافلا ومقتا من الله وبعدا ...
درجات ومراتب لكل منها حظها من السعادة ، تزداد مع الترقى والصعود ، وتقل تدريجيا مع البعد والسقوط ، حتى تصل فى القاع لدركات الضنك والتعاسة والعياذ بالله ..

وكما نرى فى أبعاد عالمنا المرئى من بذل الجهد فى صعود الدرج وتحمل المشقة من أجل ذلك ، علينا أيضا إن أردنا الإرتقاء فى مراتب العبودية مع هذا البعد الخفى بذل الجهد وتحمل المشقة ..
وليس فى الهبوط بالطبع على كافة الأبعاد المرئية كانت أم الغيبية ، بذل أى جهد أو مشقة ،
فليس الهبوط  كالصعود ، وليس الترقى كالسقوط ، ولكن يظل دائما فى الترقى السعادة وفى السقوط الضنك والشقاء ..

فنحن نبذل قصارى الجهد ونتحمل المشاق من أجل أن نسعد ونرتقى ، نراه جليّا فى حركة كل من أراد بسعيه الدنيا ،
وللسعى للآخرة يكون بذل الجهد وتحمل المشاق هو المطلوب وهو الأَولى ، كى ننال السعادة الحقيقية الدائمة دنيا وآخرة ،

بينما التفريط والوهن طريق الشقاء والتعاسة دائما ، سواء كان فى فقر من فرّط فى السعى للدنيا ،
أو حياة الضنك التى هى عين الشقاء لكل من تخاذل فى سعيه للآخرة ( نعوذ بالله من ذلك ) ،

تلك كانت مقدمة ضرورية مع الأبعاد الخفية حتى نفهم بعد ذلك ما حقيقة الإبتلاء ؟ ولما كان الأنبياء هم أشد الناس بلاءً ثم الأمثل فالأمثل ، وإذا أحب الله عبدا ابتلاه ،
وهذا ما سنناقشه بشيئ من التفصيل فى المرات القادمة بمشيئة الله ..