الأحد، 17 يناير 2016

" تروس فى عجلة الحياة "


لا نستطيع التوقف عن الحركة ، ولا التوقف عن التفكير .. هكذا خُلقنا ! ..
وطبيعى ليس كل ما نفعله جيدا ، وأن لدينا من الأعمال السيئة الكثير ،
ولكنها تظل أعمالا سيئة نعلم أنها سيئة وباب التوبة مفتوح ،
أفضل بكثير من آخريين داوموا على فعلها متوهمين صوابها ، بل وينتظرون المكافاءة والتقدير على فعلها ،
 

هؤلاء ( الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )
الذين نعتهم خالقهم _وهو الأعلم بحالهم _ بعد كل ما اجتهدوا فى فعله وعاشوا من أجله .. بالأخسرين أعمالا ..!!
يَجتهدون .. يُفكّرون .. يكافحون ، ثم أين هى أعمالهم فى ميزان العليم الحكيم ؟ ... هـبـــاءً منـثــــورا .. !!
(وَقَدِمْنَا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورا )


# هب أن أحدهم اضطرته الظروف ليذهب إلى خراط ماهر ،
مثلا ليخرط له ترسا صلبا بدلا من ترس ماتوره المتهالك ،
ثم يفاجأ بعد طول إنتظار أنه بدلا أن يعطيه ترسه المطلوب ، أعطاه ترسا لا يطابقه شكلا ، أو فى سياق آخر أعطاه نفس الشكل ولكن من مادة رديئة كالألمونيوم لاتتحمل العمل الشاق داخل الماتور ..!!
هل سيأخذه منه ؟ .. أو يعطيه ثمنه ، حتى لو جاءه وجبينه يتصبب عرقا ويقسم له بأغلظ الأيمان ، كم تفنّن فى صناعته وبذل فيه الكثير من الوقت والجهد ؟! ..


الإجـابـــة مـعـروفـــــة ..
فكيف نرضى للخالق عزّ وجل ما لا نرضاه لأنفسنا ؟! ..
كيف نرضى أن يكلفنا المولى بمهمة محددة على الأرض لها وقت محدد ، ثم نرجع إليه بغير ما طلبه منا شكلا وموضوعا ، بل وننتظر منه عزّ وجل أن يتقبله منا ويكافئنا عليه ؟! ..


فما خُلقت الحياة إلا بإتزان دقيق ، ولكل مخلوق دوره المحدد فيها ووظيفته التى يبرع فيها ، ويحقق من خلالها تكامله المنشود مع ما حوله من الكائنات ،
تدور معه عجلة الحياة فى سلاسة وانتظام ..
( والسماء رفعها ووضع الميزان .. ألا تطغوا في الميزان )


والإنسان مثله مثل جميع المخلوقات ، له دور يعمل كعمل الترس فى عجلة الحياة ،
له مكانه المحدد ، ووظيفة بمواصفات حددها الشرع ،
من حيث طبيعة الهدف والإخلاص ،
تختل عجلة الحياة وتضطرب تماما إن اختلفت النيّة وجاء بعكسها تبعا لهواه .. ؟!


( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس )
فما نراه من كوارث كالتلوث ، والإحتباس الحرارى ، والإختلال البيئى وغيرها من الأزامات ، ماهى إلا نتيجة طبيعية لسوء استخدام الإنسان للموارد الطبيعية ، لإختلاف النيّة والإصرار على مخالفة الشرع ، وتحكيمه لهواه ؟! ..


فليس العبرة فى أن تكافح أو أن تكدح .. لكن السؤال فيما تكافح وتكدح ، وهل عملك هذا يطابق المواصفات التى حددها ورسمها الشرع .. أم لا ؟ ..
أم تريد أن يصبح عملك كترس فالت يدور فى الفراغ ، غير مطابق للمواصفات ، يعمل على إختلال و إضطراب منظومة الحياة ... نسأل الله السلامة ..