الاثنين، 25 يناير 2016

" الإرادة الحرة والتكليف "


التكليف وارتباطه بسن البلوغ ، وتعليل ذلك بإعتلاء ( العقل ) عرش الإرادة عند هذه السن وإدارته للأمور بدلا عن ( الهوى ) ، لهو طرح يفتح لنا الآفاق لأبعاد ورؤى جديدة ...
فلا يمكنى تصور الآن أن مجرد ( العقل ) هو الفرق الجوهرى بيننا وبين الحيوان ، نعم مُيزنا عنهم والحمد لله بعقول موسوعية جبارة ، ولكن الأهم من ذلك تميزنا عنهم بالإرادة الحرة ...
إرادة ليست كإرادة الحيوان ؟! إرادة تتمثل فى استقلالية العقل عن سيطرة الهوى واعتلاءه لسدة الحكم ، وتمكنه من الإرادة ( وذلك فى حال جنوحه نحو الفطرة ) ...
بينما الحيوان تظل إرادته وعقله طيلة حياته خاضعة تماما لهواه ؟ مثلهم مثل الأطفال قبل مرحلة البلوغ رغم التفاوت الكبير بينهم وبين الأطفال فى العقول والمشاعر ..

لكن السؤال الأهم هنا ، ماذا وراء تمكن عقل الإنسان البالغ من الإرادة ؟! ..
الإجابة ببساطة تكمن فى التزكية .. فالإنسان البالغ هو القادر وحده بإرادته الحرة التى وهبها الله له ، من تحدى بيئته وعاداته وتقاليده حتى غرائزئه وطباعه الموروثة ، وأن يتجاوز كل هذا وينشئ له كيانه الخاص ، وأن يكون له شخصية منفردة جديدة ..؟!
( ونفس وما سواها .. فألهمها فجورها وتقواها .. قد أفلح من زكاها .. وقد خاب من دساها )
فعند اعتلاء ( العقل ) للهوى ومع استحضار الفطرة تحدث التزكية ...

بينما حين تضعف الهمّة أمام الغرائز والشهوات ويعتلى الهوى ( العقل ) ،
تعلو ( ال أنا ) وتتغول الغرائز فى النفس ، وتذبل الفطرة ( الضمير ) وتموت معها الطباع الحميدة ...

( إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى )
بل يصبح الإنسان أسوء حالا بكثير من الحيوان ، وذلك لأن الفطرة عند الحيوان لا تموت أبدا ، وتظل حاكمة على الهوى فلا يطغى ويخرج عنها ..

بينما الإنسان حين يستقل الهوى بالإرادة يسارع فى الطغيان ولا تقف أمامه فطرة ولا عقل ، وهو القاتل لفطرته بتنكره الدائم لها وخروجه عنها .. ( إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا )
والخلاصة إرادتك الحرة إما تكون نعمة وسببا لترقيتك عن طريق التزكية ، أو نقمة وسببا للإرتكاس _والعياذ بالله_ بالخروج عن العقل والفطرة .. نسأل الله لنا ولكم العافية ..
وإلى مزيد من التفصيل فى المرات القادمة بإذن الله ..