الاثنين، 11 يناير 2016

" وكثير حق عليه العذاب "


هل لنا أن نتسأل ؟..
كيف لأرحم الراحمين أن يخلق نارا .. نارا ليست كأى نار ، بل هى نار جهنم .. أعاذنا الله وإياكم
ويخلق لها بشرا يعذبون فيها مع كل نفسٍ يتنفسون .. وإذا أردوا الهروب منها لا يستطيعون .. طعامهم فيها الزّقوم وشرابهم كالمهل يغلى فى البطون .. لا يفتّر عنهم العذاب وهم فيها خالدون .. ؟
كيف هذا وهو أرحم الراحمين ؟! ..
هل لنا أن نتسأل ؟!..
سؤال المحب ، وقد تسألت الملائكة من قبل وهم أشرف الخلق عن الحكمة فى خلق الإنسان وتكليفه بخلافة الأرض .. وبعد أن أستيقنت قلوبهم وبانت لهم شيئا من حكمته سبحانه (قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ) ..
فهو الملك عزّ وجل (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون).. وإن كان لنا من تسأل فهو سؤال المحبين عن الحكمة فى خلق جهنم وأهلها ...

وحتى نهتدى للإجابة على هذا السؤال ، فعلينا أن نعرّج قليلا على تجلّيات القدرة الإلهية ، و نعاين مشاهد العزّة وآثار الرحمات الربانية ، ونحن فى طريقنا للحكمة الإلهية ..
بمعنى ان كنا نريد الحكمة .. فلابد من المرور على القدرة والعزّة والرحمة كذلك وجميعها من الصفات الربانية ..


----
بدايةً : _تجلّيات القدرة الإلهية فى خلق جهنم وأهلها ..
-----------
قدرة الخالق عزّ وجل على الخلق لاحدود لها ، من حيث التنوع والاختلاف والتشابه والتضاد ، ما لاتستوعبه العقول أو تدرك آفاقه الأبصار ..
فإن استوعبنا مثلا كيف لمخلّفاتنا التى نتأفف منها وتؤذينا ، أن تكون طعاما شهيا لمخلوقات أدنى تستلذّها وتغذّيها .. كالديدان والحشرات مثلا التى تتغذّى على كل مانتن وفسد ..
 

أو كذلك كيف لكائنات دقيقة كالتى أكتشفت حديثا على سفوح البراكين فى أعماق البحار ، أن تعيش فى ظروف ودرجات حرارة رهيبة تصل لحد الغليان ، ومع ذلك هى فى قمة الحيوية والنشاط بخلاف جميع قوانين الحياة والطبيعة التى درسناها ..
فإن وعينا هذا كله ، فهل لنا أن نعىّ كيف يكون هناك خلق يأكل ليتألم ، ويعيش ليحترق ، ويكره الحياة ولا يموت ...
 

كل المخلوقات تحب الحياة ، وتستمع بنعم الله فيها ، وتحمده عليها ..
بخلاف تلك المخلوقات التى كرهت حياتها ، وآيست من رحمة ربها ، وتُعذب بما هو نعمة فى حق غيرها ( طعام ، شراب ، ملبس ) بينما هو عذاب لها..
وذلك من طلاقة قدرة الله فى خلقه يخلق ما يشاء وكيفما شاء ..
( ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء ) ..
 

فتلك المخلوقات تفردت بتمردها حين سجد لله الكون كله ..
وتفردت بشقائها حين تمتع الكون بإنعام ربه ..
وخولّدت مع غيرها مع تبدل السماوات والأرض وفناء خلقه ..
وكل شيئ بحق وحكمة .. فإن حقت كلمة العذاب على هؤلاء ، فهل هناك حكمة غير تجلّيات القدرة الإلهية فى خلقها .. ؟! .. مجرد سؤال محب ..


كنوز من المعانى والحكم وراء تلك المسألة ، نسأل الله مفاتح مغاليقها ، وكشف أستارها ، وأن يهدينا لتدبرها وفقهها ، وهو على ذلك قدير ، وبالإجابة جدير ..
وإلى تفاصيل أدق وأكثر يسّر الله لنا سردها تباعا بإذن الله ..