الثلاثاء، 23 فبراير 2016

مـن هــنـــــا نـبـــــــدأ . . .



نفكر . . طيلة الوقت ونحن نفكر .. سيل من الخواطر والأفكار تتدافع داخل رأسك .. 

مابين حلم تطمح إليه .. أو شيئ تأمل فى الحصول عليه .. أو ذكريات لماضي ترنو إليه ..
أو همّ قد أطبق على صدرك ، وأسر فكرك ، وسلبك حلمك وأملك ..

ولكن هل يمكنك حقا أن تتوقف عن التفكير وأن لا تفكر ؟.. 
أنّى لك هذا وعقلك وقلبك لاينامان ، وان نمت .. فعقلك يسترجع شريط الذكريات ويتكلم .. والقلب يفرح معها ويتألم ... وستظل طيلة حياتك تفكر وتفكر ولن تتوقف أبدا عن التفكير وأن تفكر ..!!

فهل يا من أدمنت التفكير سئلت نفسك ولو مرة واحدة لماذا أفكر ؟! لماذا لا أستطيع أن أمتنع عن التفكير ولو للحظة .. لحظة واحدة أمتنع فيها عن التفكير وأن أفكر ؟! ...

فلنسافر معا فى رحلة طويلة من التدبر والتأمل ، فلنسافر معا فى رحلة زادها الصبر والنفس الطويل لكى نعْلَم ونتعلّم . . نتعلّم لنصل مع نهاية الطريق إلى معرفة . . لماذا نفكر .. !!


الرحلة الأولى .. ما بين واقع سئمناه وحقيقة معنى الحياة ..
الزهد أم الترف ..
السعادة فى القرب ، أما اللهث وراء الشهوات والشَّره ..!!!
أصناما من الوهم تقربنا إليها زلفى لتسعدنا ..
وشغلتنا عن أحلى ما فى الدنيا ، من حلاوة المناجاة وقت السحر ...


http://pnyadm-khf.blogspot.com.eg/





والرحلة الثانية .. إن تعرّفت على النعم أدركت المنعم ..
وإن تغافلت فما لك من مكرم ..
وانظر لتمرد البشر من حولك واستسلام أعضائك الداخلية لله ، لتعلم حقا لما تنعم أنت ولله الحمد بالصحة ، والعالم يموج من حولك بالفوضى وعدم الأمان !!! ....
 
( أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون )
 ( ان الله لذو فضل على الناس ولكن اكثر الناس لايشكرون )

http://pnyadm-alaa.blogspot.com.eg/





أما الثالثة .. فهى لغرورك أيها الانسان ؟! .. أنت يا من تعلم مايدور فى الفضاء ، وما يغوص فى البحار ، وتعلم أسماء الطير ، وما يَدبُ على الأرض ، وما تَكُنّه الجبال ... كل هذا تعلمه ولا تعلم أقرب مخلوق إليك ؟!! يسكن بين جانبيك ، يلازمك أبد الدهر لا ينفك عنك .. هذا المخلوق .. هذا المخلوق؟! هو أنت .. أنت .. هل تعلم حقا من أنت ؟!!!

( لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون ) .. سورة الأنبياء


http://pnyadm-alaa.blogspot.com.eg/




أما الرحلة الرابعة .. فتدبر .. خرجت للدنيا ولم تختار جنسك ولا لون بشرتك .. وتفتحت عيناك على أب وأم لم تستشار فيهما .. ونطقت بلسان ولغة لم تفضلهما عن غيرهما !!

وولدت فى زمن أُجبرت عليه .. ووطن فُرض عليك .. وفطرة أُلزمت بها !!
بل أزيدك خُلقت انسان وليس أى شيئ آخر .. !! فأين حريتك إذا يا مُدعى التحرر ؟! وكيف سولت لك نفسك التمرد على خالقك وادعائك القدرة على فعل أى شيئ .. وأنك غير مدين لأحد ولست ملتزما بأى شيئ ؟! على الرغم من عجزك الظاهر أمام قدرك ، ورزقك ، وأجلك ؟!


http://pnyadm-ashr.blogspot.com.eg/


 

الأربعاء، 10 فبراير 2016

" القلب وقصر الحكم "


لا أصدق أن ماسنناقشه اليوم كان مفترض أن يكون مكانه فى مقدمة البحث الخاص عن النفس ، وليس فى نهايته وختام الحديث فى تلك المسألة .. ؟!
ولكنها تجربة جديدة وطريقة مبتكرة لتقريب وشرح المسائل لم نعهدها من قبل ، أرجو أن تكون حققت الهدف منها وكانت مجدية ...

سنتكلم اليوم عن ( قصر المُلك ) فى الانسان وكرسى العرش ، الكعب العالى المسئول عن كل صغيرة وكبيرة فى إدارة حياتك الشخصية .. ؟ّ!
منه تخرج القرارات .. وإليه ترد التقريرات من الجوارح والحواس أفراد الرعية .. ويهيمن عليه دستور الحكم ويحكم فيه بالمنهج الذى تعتنقه .. وفيه تحدد الأهداف والقيم التى لابد أن تسعى لتحقيقها الرعية .. ؟!

كلامنا اليوم عن ( القلب ) قصر الحكم الذى يحوى كرسى العرش بداخل كل واحد منا ،
ان صلح صلحت الرعية ، وان فسد والعياذ بالله ضلّت الرعية ، فالرعية على دين ولى أمرها ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله, ألا وهي القلب )

لا نتكلم هنا عن مجرد قطعة لحم صنوبرية الشكل تعمل كمضخة للدم ، نتكلم عن دماغ النفس ونقطة اتصالها بالجسد ،
فإن أجمع العلماء الكلام على أهمية القلب الذى تكنه الصدور، ودوره الرئيسى فى كيان الإنسان وانه محل النية والتكليف ، فهذا يجعلنا نرجح بشدة أن تلك المضخة هى نقطة اتصال الروح ( النفس ) بالجسد ، ويوجد فيها دماغ النفس وقصر الحكم وكرسى العرش .. !!

ولن يستطيع العلم الحديث أبدا أن يثبت ذلك أو ينفيه ، لأنهم ببساطة لا يعلمون ماهى الروح أصلا !! وكيف يستدلون على وجودها بالتقنيات الحديثة ، وستظل دائما وأبدا خارج نطاق العقل البشرى لا يدركون منها إلا أثارها ، أما كنهها ومكانها فلا ..!!
(ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )

• ودماغ النفس جزء من كيانها ، كما ان العقل الذى فى الرأس هو جزء من الجسد ،
• وهى أهم ما فى النفس ووحدة التحكم ، كما ان العقل الذى فى الرأس هو أهم مافى الجسد ووحدة التحكم فيه ،
• وللنفس كيان يسرى فى سائر الجسد كسريان الكهرباء فى المصباح ، ولكن نقطة الاتصال هى القلب الذى فى الصدر، كما ان نقطة الاتصال بين المصباح والكهرباء ( الدواية ) ..
ونستدل على سريان كيان النفس فى سائر الجسد بحديث خروج الروح فى جزءه الأخير حين تنادى الملائكة على روح الكافر لتخرج (فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب. قال: فتفرق في جسده، فينتزعها كما ينتزع السفود -الكثير الشعب- من الصوف المبلول، -فتقطع معها العروق والعصب- )

• ثم نأتى بعد ذلك لصلب الموضوع ووصف قصر الحكم بما فيه من كرسى العرش ، وغرف القصر وحجراته :_
مع التذكير بأن ثنائية النفس والجسد يقابلها فى النفس ثنائية آخرى ألا وهى ثنائية العقل والمشاعر ،
وكما إن النفس لا تنفك أبدا عن الجسد إلا قليلا ( عند قبض الروح ) ، كذلك لا توجد نفس تخلو من المشاعر أبدا أو الإدراك ،

# وقصر الحكم يحتوى على جناحين رئيسيين على يمين وشمال العرش يمثلا ثنائية النفس التى تكلمنا عنها ، لكل منهما عدد من الغرف :_
• جناح عقل القلب ؛ وله روابط مع العقل الذى فى الرأس وحواس الجسد الخارجية ، ويحوى غرف للذاكرة والأرشيف ونمط التفكير والذكاء والمنطق كما لدى العقل فى الرأس تماما ، مع الأخذ فى الإعتبار ان عقل الرأس والحواس هما وسيلته لإدراك العالم الخارجى والتفاعل معه ( راجع ما شرحناه سابقا ) ..
• ثانيا جناح الوجدان والمشاعر ؛ ويحوى غرف للغرائز والميول والطباع وأخيرا الفطرة ، فما الفطرة إلا مستودع المشاعر النبيلة والقيم المثالية العليا التى أودعها الله فى قلب كل واحد منا ، وهى الضمير ووازع الخير فى مقابل لمة الشيطان ووساوسه ..
• ثم نأتى لكرس العرش الذى من تربع عليه دانت له بقية الأعضاء من الرعية ، وهو كرسى الإرادة الحرة الذى تميز به الإنس والجن عن سائر الكائنات ، وهو محل النية ، وموطن الأمانة أو الخيانة ، وعين التكليف ..
• ثم نأتى للملك الحاكم لتلك المملكة ؛ هل هو الهوى ( العاطفة ) أم العقل والمنطق ؟! وهى سجال تختلف فيه الغلبة بحسب كل واحد منا ، بل تختلف أيضا باختلاف الأحوال والأوقات داخل الشخص الواحد ..
• ثم دستور المُلك وهو المعتقد والمنهج الذى يهيمن على كرسى الحكم سواء كان ربانيا أم وضعيا وضعه الهوى ، والقيم هى الأهداف المنبثقة من دستور الحكم التى يسعى لتحقيقها جاهدا كل من بيده زمام الحكم ويجلس على كرسى الإرادة ( راجع ما شرحناه سابقا ) ..
• والقلب السليم هو القلب الذى دان فيه الحكم للعقل بتزاوجه مع الفطرة ، وكان شرع الله دستوره ، وخضع فيه الهوى والرعية من الحواس والجوارح لأحكامه ...
• بينما القلب المنكوس هو القلب الذى دان فيه الحكم للهوى ، وكان شرع الهوى الموضوع دستوره ، وخضع فيه العقل والرعية من الحواس والجوارح لأحكامه ...
• وأخيرا الإنسان قادر بإرادته الحرة التى وهبها الله له من ترشيد الغرائز فلا اسراف ولا تفريط ، كما يمكنه أيضا من تزكية نفسه وحملها على الطباع الحميدة والتخلق بها ، والتخلص من الطباع السيئة الموروثة ..
• وفى المقابل يمكنه أيضا بإرادته الحرة التى وهبها الله له من اطلاق العنان لغرائزه والطغيان والخروج عن كل فطرة ومنطق ...
نفعنا الله وإياكم بهذا الحديث وتقبل الله منا ومنكم ، واسأل الله العلىّ الكريم ان أكون وفيت الكلام عن النفس حقه ، وجانبنى الزلل أوالشطط .. وجزاكم الله خيرا ..

الثلاثاء، 9 فبراير 2016

" الإيـقـاع الـداخـلـى .. "



موضوع المشاعر بحر ليس له أخر ، كلما أردت أن أنتهى من الكلام فيه وجدت أنى لم أتكلم فيه بعد .. ؟!!!
سنتكلم عنها اليوم بطريقة مختلفة قليلا ، قد يراها البعض ممتعة ولذيذة ، سنتكلم اليوم عن الموسيقى ؟! .. ولكن ليست أى موسيقى ، الموسيقى الذاتية التى تعزف داخل كل واحد منا ..!!
بـدايـةً الموسـيـقى مثلها مثل أى عمل فـنى آخـر ، هى عبارة عن مـشـاعـر وانفـعـالات لفـنـان أراد أن يـنـقـلها للآخـريين فى صورة عـمـل مـوسـيـقى ،
وعنـد انتقالها إليـك وفى حال تـنـاغـمـها مع مشـاعـرك ، تنـتـج حـالـة شـعـوريـة تضاهى إلى حـد كبـيـر الحـالـة التى كان عليها هـذا الفـنــان ،
وبالتالى كل واحـد منّا يميل إلى الموسيقى المتناغمة مع حالته الوجدانية ، ويتنـافـر مع أنـواع آخـرى تضـاد تلك الحـالـة ، فالموسـيـقى ماهى إلا لـغـة مـشـاعـرنـا المسـموعـة ..

وهناك عـزف منفـرد آخـر غيـر مسـموع داخـل كل واحد منا ، يـعـزف ذاتـيا بواسطة المشـاعـر المتـدفـقـة داخل قلوبنا يوميا ، التى تتقلب وتختلف باختلاف الأوقات والأحوال ، ولكـل منّـا قطعـتـه الموسـيقيـة ..!!
وكما إن الموسيقى منها الصاخب والغاضب والمرح والعاطفى والحزينى ، فالنفس تتقلب فى مشاعرها بين تلك الأحوال ويتفاعل معها الفكر والجسد ،
فنمط التفكير التشائمى تصاحبه مشاعر حزينه وضيق فى الصدر وانقباض فى الجسد ،
بينما نمط التفكير الإيجابى تصاحبه مشاعر مبهجة وانشراح فى الصـدر وانبسـاط فى الجـسـد ،
و( المزاج العام ) الذى شرحناه قبل ذلك ماهو إلا إيقـاعـك الذى يعزف فى الخلفية ، الذى لا غنى عنه لأى معزوفـة موسـيقـية ، وهو الذى يسـتمر بعد انتهـاء حالتـك المـؤقـتـة الشـعـورية ولايسـمـع بـعـدها غيـره فى الخلفيـة ،

لذلك أهل السعادة أهل الإيمان من وهبهم الله الإيقاع الجيد من رضا وسعادة وسكينة وطمأنينة ( راجع ما شرحناه سابقا فى الحالة المزاجية )
هؤلاء لايزعجهم الجلوس منفردين ، ولا يستوحشون البعد عن الناس ، لإستمرار الايقاع الربانى فى العزف داخل نفوسهم ..
بينما لانرى أحد ممن ابتلى بالمزاج السيئ لسوء عمله يستطيع ان يعتزل الحياة بصخبها ولو لحظة ، لإستمرارية الإيقاع المزعج من سخط وكآبة وقلق واضطراب داخل نفسه ،
فلابد له من مشاعر متزاحمة تغطى على هذا الإيقاع حتى لا يزعجه ، فهو فى شغل دائم ، أو انغماز فى الشهوات بصورة مستمرة ، أو يستمع حتى فى وقت فراغه إلى معزوفة موسيقية خارجية تملئ هذا الفراغ وتغطى على ايقاعه الداخلى السيئ ..!! عفانا الله واياكم ..
بل انه فى حال عجزه عن كل ذلك ولابد له من شيئ يشغله ،
يستحضر لاشعوريا من عقله الباطن معزوفة موسيقية محببة لنفسه وتظل تتردد تلقائيا فى الخلفية لتغطى على مزاجه السيئ!!
ثم نأتى هنا لتفاحة الكلام وحلاوة الختام فى تلك المسألة ؛ ونتكلم عن متى يحدث الإخبات والوجل والقشعريرة التى خص الله بها عباده المخلصين ؟ .
يحدث هذا عندما تتناغم المشاعر المصاحبة لك فى الصلاة والتضرع وقراءة القرآن إلخ ، مع الإيقاع المستقر داخل وجدان كل نفس مطمئنة ،
فتقشعر الجلود .. وتلين معها القلوب .. وينشرح الصدر .. وتدمع العين .. وينبسط الجسد ..
بينما تحدث انفعالات جسـدية آخـرى مغـايـرة تصاحب إيقــاع القـلـوب التعيسـة الشـقية ؛
مـن إنقـبـاض للصـدر .. والضيـق .. والسـخـونـة ,, والنـفـور والضجر!! .. فى حـال تناغـمها أيضا مع المشـاعـر المسـتحـدثـة من الحيـاة اليـومـيـة ..
بمعنى ان ذروة الانفعال الجسدى وقمته التى تتجلى فى صـور مختلفة ؛ من انبسـاط وانقباض ، قـشـعـريـرة ، دمـوع ، خفـقـان ، سـخـونة بـرودة ، إلـخ ..
تأتى دائـما عنـدمـا يحـدث تنـاغـم مابـيـن المشـاعـر المسـتحدثـة يـوميـا والإيـقـاع الـداخـلـى ( الـمـزاج ) ..
وجـزاكـم الله خيـرا ورزقنا وإياكم راحـة البـال ..
--------
ملحوظة للمتعمقين :_ المزاج الداخلى أيضا ( الإيقاع ) طبقات يعلو بعضها البعض ،
أعمقها هو المستقر الدائم حسب حظ النفس من الإيـمـان والكـفـر ( شقى أم سعيد ) ،
بينما يكون أعلاها الطافى على السطح ، مزاج مؤقت بحالة شعورية مستحدثة ، يستمر بعدها بفترة ليست طويلة ثم يتلاشى ...

الاثنين، 8 فبراير 2016

" قدرات النفس ومحدودية الجسد "


للنفس قدرات روحية ومستويات فى التواصل والرؤية لا يصدقها عقل ، فلِما حُجِّمت ووضعت فى جسد مدى حواسه محدود ؟! ..
الإجابة .. التـفـاصيـــل .. فكلما كان مدى الحواس الخارجية محدود كان التركيزعلى التـفـاصيـــل أكثر،
فتزداد النفس بالتـفـاصيـــل قوة .. وتزيدها فوق قدرتها قدرة ، وتزداد علما وفقها ،
فالجسد يوفر للنفس عن طريق الحواس الخارجية تفاصيل التفاصيل ، فى العلم والحس والمشاعر والقوة والقدرة والسعادة والألم ،

هل يجادل أحد فى كون الإنسان أشرف قدرا ، وأوسع حيلة وقدرة من كل الآلات الحديثة التى اخترعها ؟!
ورغم ذلك فبإستخدامه لتلك الآلات الأكثر دقة من حواسه ، أصبح الإنسان الآن أكثر قوة وقدرة وعلما من سلفه القديم قبل اختراعها ،
فبتلك الآلات الدقيقة استخرج الإنسان طاقاته الكامنة فيه ، وسيطر بإمكانيته الروحية الجديدة على العالم كله أرضا وبحرا وجوا ،
وكذلك الجسد بتميّزه بالإعتناء بالتفاصيل ، استخرجت به النفس جميع الطاقات الكامنة فيها التى ما كانت لتستخرج إن لم تقترن بالجسد ....
كونها أكثر لطفا وروحانية وبعدا عن التفاصيل رغم قدرتها وقوتها ..!!

• ألم نكن صفحة بيضاء عند ولادتنا لا نعلم شيئا ؟!
( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون )

• ألا ترى أن كلما زدنا علما مع تقدم العمر زادت التفاصيل فى مخيلتنا ، والتصور الإيجابى الذى ينتفع به فى عالم الواقع ،
• ألا نرى أن فى تفاعلنا بأجسادنا مع تفاصيل الحياة ، تعرفنا على ربنا ورأينا فضله وإحسانه فى المأكل والمشرب ، وتجلّت لنا رحماته ولطفه وحفظه وهو الذى آوانا وكسانا وهدانا ،
• وحين ابتلينا فى اجسادنا تعلمنا الصبر .. وحين صبرنا تعلمنا الحكمة .. وحين رأينا بعين الحكمة رأينا ربنا .. فزدادت نفوسنا شوقا وسعادة ..
فالجسد بقدرته على التفاعل مع تفاصيل الحياة ، كان الخطوة الأولى نحو بلوغ القمة فى معرفتنا بالله حق معرفته بإسمائه وصفاته ، ومحبته وعبادته حق عبادته ..

• وحين تألمنا ذوقنا الألم ، وللعذاب والألم درجات حسية ما كان للنفس أن تعرفها إلا عن طريق الجسد ،
كما أن للسعادة درجات أيضا تذوقناها حسياً واستشعرنا التباين فى ملذاتها عن طريق الجسد ..!!
فالجسد بقدرته على التفاعل مع تفاصيل الحياة ، كان الخطوة الأولى أيضا نحو إحساسنا بالنعيم الأبدى أو العذاب الأبدى بتفاصيلهما اللا محدودة .. !!

نسأل الله ان نكون بينّا وأوجزنا فالموضوع الكلام فيه يطول ، واستغفر الله من كل كلمة قد يكون فيها تجاوز أو شطط وهو الغفور الكريم ..

الأحد، 7 فبراير 2016

" هل الخيال من البصيرة؟ "


هل الخيال من البصيرة .. ؟! .. حيث نرى فيه بغير أعين ، ونسمع بغير أذن ، ونسافر عبر الزمان والمكان ،
فلا حدود فيه لطموحنا ، ولا منطق فيه يحكمنا ، ولا زمن يجرى علينا ، هكذا حالنا مع الخيال .. فهل الخيال من البصيرة .. ؟!

قد نرى حقائق عن طريق التَخيُّل إن كان وراءه عقل واعى ، كما رأى نيوتين قوى الجاذبية فى سقوط تفاحة ، وكما استخرج لنا عباقرة العلم من مخيلتهم جميع المكتشافات الحديثة ، وكما أبدع أصحاب المهن المختلفة فى أعمالهم بقدر قدرتهم على التصور والتَخيُّل .. فالخيال قد يرى بعض الحقائق ..
كذلك فى تصورنا لعالم الغيب بما فيه من جنة ونار ، وعذاب القبر ويوم الحساب ، وسائر التفاصيل اليقينية التى تلقينها عن طريق الوحى والرسالة .. فالخيال إذا يرى الحقائق ..
إلا ان الخيال فى أغلب الأوقات ومع أغلب الناس لايرى إلا الأوهام والوساوس والأساطير ...!!
فما هو الخيال إذا وما علاقته بالبصيرة ؟! ..

النفس كيان ضخم لا يقارن أبدا بالجسد من حيث الامكانيات والقوة والحدود ، حيث نرى أحيانا عجوزا قد هرم جسده ، ولازالت نفسه تمتلئ شبابا وقوة وحيوية ..!!
وللنفس اجهزتها الخاصة بالرؤية والسمع والإحساس تفوق قدراتها الحواس الخارجية بما لا يتصوره عقل .. !!
ولكنها اقترنت بالجسد وحُبست فيه ، فلا ترى أو تسمع أو تحس إلا من خلاله ، فحُجِّمت القدرات فيها وأصبحت محدودة بحدود وقدرات حواس الجسد ..!

ولكن لازال للنفس عالمها الخاص .. عالم الخيال .. الذى ترى فى مجاله وتسمع وتحس بلا حدود ،
وهذا العالم إما يكون أضغاث وأوهام ووساوس كما فى النفوس المظلمة ، حيث لا ترى النفس من الغيب شيئا وترى الأشياء على غير حقيقتها لشدة الظلام ،
أو يكون لها بصيرة من نور تهدى به ، فترى فى مخيلتها من الحقائق بقدر ما تحمله من نور ،

والعقل بمفرده هو نور ، ولكن نور لا تتجاوز فيه الرؤية الحياة الدنيا وعالم المحسوسات ، ولذلك نرى تقدم الغرب الكافر بما وفره لهم نور العقول من اكتشافات ،
والاكتشافات كما نعرف ماهى إلا حقائق وقوانين مستقرة فى الكون كانت غيبية بالنسبة لهم حتى أظهرها نور العقول ...

لكن حين تنظر النفس إلى السماء فلا يسعفها نور العقل لمحدوديته فى معرفة ماوراء الحياة ،
فكان لابد أن يكتمل عندها جهاز الرؤية القلبية من فطرة ، وعقل ، وتزكية نفس ، ونور رسالة ، حتى تبصر عالم الغيب وهى فى الدنيا قبل أن تراه عيانا بيانا فى الآخرة ...

وبينما حواسنا الخارجية كان اكتمالها فى أرحام أمهاتنا ، كان رحم الدنيا من أجل استكمال أجهزتنا للرؤية القلبية ،
التى فاقت فى قدرتها المحسوس وتخطّت حدود المكان ، ومن خلالها سنُبصر ونتنعم بالحياة الآخرى بمشيئة الله .. اللهم اجعلنا من أهل ذلك ..

وفى المقابل كل من فرّط فى بناء جهازه للرؤية القلبية سيعيش فى دنياه أعمى لا يرى من عالم الغيب إلا الأوهام والوساوس والأساطير ، وهو فى الآخرة أعمى وأضل سبيلا ( ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ) .. .. نعوذ بالله من ذلك

السبت، 6 فبراير 2016

" في بيوت أذن الله أن ترفع "


مصباحك هما عقلك وفطرتك عندما ينهلان من نور النبوة ، فما مصباح الأمة يا ترى الذى ينير لها الطريق فى ظلمات الحياة ؟..
(في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال .. )
نور الله فى الأرض المساجد وهى قلب الأمة ونبضها ،
إن صلحت صلح حال الأمة ،
وإن خربت ضلّت الأمة وزاغت ..

لم يأتى الدين أبدا لكى يوارى فى الصدور ، بل جاء كمنهج حياة لابد أن نسعى جميعا لتفعيله كى ننهض وتزدهر الحياة ..
والمساجد دائما هى البداية ، منها يخرج نورالعلم والهداية ،
والشعوب المؤمنة كنفس واحدة ، ان تم تزكيتها تلألأت كالكوكب الدرى وازداد نورها للعالم وضياءً ..

( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار )
رجال بتلك الموصفات هم الخواص ، عقل الأمة وفطرتها ، هما المصباح الذى يستضيئ له باقى العوام من الأمة ،

وعوام الأمة هم بمثابة الزجاجة للمصباح ، إن صفت وتزكت ، تلألأت واستنارت لبقية شعوب العالم أجمع ..
وأرض الخلافة هى المشكاة التى تتجمع فيها الأنوار ، وهى بمثابة المنارة فى بحر الظلمات ، تسترشد بها سائر الأمم التائهة ( نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ) ..
فلابد لنا من منهج .. يحمله رجال مخلصون .. يشايعهم بقية أهل الإيمان .. لتفعيله على الأرض .. حتى نحظى بنور الدنيا والآخرة ..
( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور )
اللهم اجعلنا من أهل نورك يا عليم يا حكيم ..

الجمعة، 5 فبراير 2016

" يوقد من شجرة مباركة "


( يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم )
شجرة الزيتون كلما طالت فترة تعرضها للشمس صفى زيتها ، ويستخرج أصفى زيت منها لما تنشأ بعيدا عن أى شيئ يحجب الضوء عنها ،
فلا جبل أو تلة عن يمينها أو يسارها فتصيبها أشعة الشمس طوال النهار (شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية ) ..

ولذلك شبّه المولى عزّ وجل رسالة التوحيد وما اشتملت عليه من نقاء فى المنهج ، بشجرة الزيتون المباركة ذات الزيت الصافى ،
يُمثّل فيها المنهج الربانى هنا بالزيت الصافى الذى تستضيئ منه العقول والفطر ، فتشرق له النفوس والقلوب ، وتستنير له أعين البصيرة ،

فالتوحيد شجرة .. كلمة الإخلاص ( لا إلاه إلا الله ) أصلها .. تفرعت منها وتعددت جميع العبادات والأعمال الصالحة .. (كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ) ..
فهى زيتونة مباركة تعددت فيها أبواب الخير ، الطريق إليها طريق مستقيم وسط ما بين الإفراط والتفريط ( لا شرقية ولا غربية ) ..
( يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار ) منهج صافى لا تشوبه شائبه ، تكفل بحفظ كتابه الملك من فوق سمائه ، والمنهج فى القلوب نور فى ذاته وان عجزت عن تفعيله ،
ولكن لابد للقلوب أن تجاهد من أجل تفعيله على الأرض وإيقاده ...

( نور على نور ) من نور المنهج والعمل به ، إلى نور العقل والفطرة ، إلى اشراقة النفس ، وانشراحة الصدر واستنارة البصيرة ..
( يهدي الله لنوره من يشاء ) من سعى إلى ربه ، واستشعر ألم الفراق واشتاق لنوره ، وتفقد السبل بحثا عن سبيله (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) ،
نسأل الله العلىّ العظيم أن نكون من أهل هدايته ، وأن يرزقنا النور والبصيرة ..

الخميس، 4 فبراير 2016

" عالم التبصّر والبصيرة "


ليس لأن عيناك سليمتان والحمد لله أنك تستطيع الإبصار دائما ؟! ..
فإن لم يتواجد فى محيطك مصدر للإضاءة كالشمس أو المصباح وغيره ، ستظلم الدنيا من حولك ولن تبصر ..
ولأجل ذلك تجلّت رحمته سبحانه فى أن جعل للناس جميعا مؤمنهم وكافرهم مصادر للإضاءة ثابتة ومستمرة لا يختص بملكيتها أحد من خلقه ، كنعمة الهواء لجميع الناس ،
فالشمس والنجوم والقمر نورهم للجميع ، نرى بهم تلقائيا وبدون أى جهد فى عالم الحس والمادة ،

بخلاف عالم التبصّر والبصيرة حيث يختلف هناك الوضع تماما ؟!
فمصدرك الرئيسي للإستضاءة هو أنت ، ولابد أن يتولد النور داخلك أولا حتى يبصر قلبك ،
وأن يكون جهازك للرؤية القلبية سليم ، من حيث وضعية العقل فيه مع الفطرة ومدى جهازيتهما للتوهج ، وأن تكون لديك نفس مشرقة ، وانشراحة فى الصدر ( كمشكاة فيها مصباح ، المصباح في زجاجة ، الزجاجة كأنها كوكب دري ) .. وقد استفضنا فى ذلك كثيرا وشرحناه من قبل ،

وخلافا للرؤية الخارجية بالعين ، فجهازك للرؤية القلبية كما هو وسيلتك للرؤية هو أيضا مصدرك للإستضاءة ،
بينما عيناك فى عالم الحس والمادة لابد لهما من إضاءة آتية من الخارج حتى تبصر ..!!

وان كنا اعتدنا أن نرى الأشياء تلقائيا ودون أدنى جهد فى عالم الحس والمادة ، إلا أن ذلك سيختلف تماما فى عالم التبصّر والبصيرة ، حيث يحتاج كل منا لكثير من الجهد كى يستطيع رؤية حقائق الأشياء ومألاتها ..!!
فجهازك للرؤية القلبية لن يكتمل ويعمل بكفائته القصوى ، إلا بعد أن تعانى إرادتك الحرة الرشيدة معاناه طويلة وهى تعمل على تهذيب نفسك وتقويمها ، مع استعانتها ولابد بهدى الوحى ونور الرسالة ..

( .. يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته ، فاستهدوني أهدكم .. ) حديث قدسى
فهـدايــة القـلـوب نـــور .. ولابد من السعى إليه أولا ، بشحذ العقول واستحضار الفطر وعمل الخيرات ، حتى نستطيع جلبه إلى قلوبنا ،
وما أن يدخل قلبك هدى الوحى ونور الرسالة حتى يستنير العقل والفطرة معا مرة أخرى ويزدادا بهاءً ، وتزيد شدة تبصّرهما ، ويبصرا مزيدا من الحقائق ،

وكلما اكتمل إدراكك وقوة تبصّرك (جهازك للرؤية القلبية ) ازدادت نورا ، وكلما زاد نورك اكتمل إدراكك وقوة تبصّرك وهكذا .. فى عملية بناء متبادل بينهما ..
فمصدر النور ووقوده هو هدى الوحى ونور الرسالة ، بينما العقل والفطرة وسائر مشتملات جهاز الرؤية القلبية هم السراج المتوهج الذى يتولد منه النور فيُبصر القلب ..
( يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم )

وإلى استكمال كلامنا فى وصف هدى الوحى ونور الرسالة كما وصفهم الله عزّ وجل فى آية سورة النور المرة القادمة بإذن الله ..

الأربعاء، 3 فبراير 2016

" ماهية نور البصيرة "


نود قبل استكمال شرح أية سورة النور التنويه على شيئ هام ..
حين تكلمنا عن النور الإلهى الذى يقذفه الله فى قلوب عباده المؤمنين ، وذكرنا انه نور البصيرة الذى تتكشف أمامه عوالم من الغيوب والحقائق ،
كان الكلام كله منصب على وظيفة هذا النور وألية عمله ، ولم نتطرق أبدا لماهيته وحقيقته ، وهذا ما نود أن نركز عليه كثيرا فى مناقشتنا اليوم ...

قد ترى أمامك فقير رث الثياب ، منكسر العين ، غير عابئ بنظافته الشخصية ، سترى كل ذلك بعيناك حتما ، ولكن هناك شيئ آخر قد تراه أو لن تراه بحسب مدى قوة بصيرتك وإدراكك .... ألا وهو احساسك بهذا المسكين ..
فإن كنت ممن أوقد الله نور بصيرته ، سنتظر إليه مباشرا بعين العطف والرحمة والشفقة ،
وإن كنت غير ذلك والعياذ بالله من أصحاب القلوب المظلمة ، فلن تنظر إليه إلا بعين التجاهل والإزدراء والتأفف ..

فنور البصيرة إذا هو عبارة عن مشاعر ..!! ولكنها ليست أى مشاعر ؟ مشاعر تنبع من مُثل عليا وأخلاق حميدة ...
فنحن حين نأكل تكون لنا مشاعر تجاه ما نأكله ، أو نشربه ، أو ما نلبسه وكلها داخلة فى المشاعر الحسية التى لا دخل لها بنور البصيرة الذى ينبع كما ذكرنا من الأخلاق والمُثل العليا ،
والتى تُعتبر الفطرة السليمة هى مستودعها الطبيعى التى استودعها الله فيك ،

ولكى تُفعّل تلك الفطرة ويُضيئ نورها فلابد ولازمن من وجود العقل الواعى ،
فمتى نعفو ونسامح ؟ ومتى نقتص ونعاقب ؟ من نحب ومن نكره ؟ كل ذلك من مسئوليات العقل الواعى حين يزاوج الفطرة السليمة ...

وبهذا المعنى الجديد يمكنا القول أن المشاعر النبيلة النابعة من المُثل والأخلاق الحميدة والممزوجة بالعقل الحر الواعى ، هى نور القلوب وحياتها ،
بينما فراغ القلوب إلا من المشاعر الحسية الناتجة عن طغيان الهوى وتغول الغرائز ، هو فى المعنى الجديد ظلمة للقلوب وإماتتها..!! عفانا الله وإياكم من ذلك ..

وأيضا من المعانى الجميلة التى ظهرت بعد هذا الطرح ، ان اعتدال المزاج من سعادة ورضا وسكينة وطمأنينة التى هى الهمّ الشاغل عند كل البشر ، يُنسب مباشرا إلى مقدار ما تحمله من نور البصيرة ..
اللهم ارزقنا رضاك واجعل لنا فى هذا النور نصيبا ..

سنستكمل معا بإذن الله كلامنا عن آية سورة النور فى المرة القادمة ، ونستكشف من أين يوقد مصباح البصيرة وكيف ؟!! وما طبيعة ونوع وقوده ؟! .. والسلام عليكم

الثلاثاء، 2 فبراير 2016

" الله نور السماوات والأرض "


للإنسان قدرات هائلة يجهلها فى نفسه تناسب تسخير الكون كله له ..
وغفلته عن تلك القدرات الهائلة التى استودعها الله فيه ، لإنهماكه الشديد ( إلا من رحم الله ) فى اشباع غرائزه ، وإعراضه عن هدى الوحى ونور الرسالات ..
فكان كمن لديه سيارة سباق حديثة من أحدث الطرازات ، ثم قلّما نجده يستخدمها إلا فى الحوارى الضيقة وشراء الطعام من الأسواق ...!!

وكنزك الرهيب الذى استودعه الله فيك وتجهله ، هو جهازك المتكامل للرؤية الغيبية ، جهازك المذهل الذى تدرك به وتبصر عالم من الحقائق والغيبيات ،
عوالم غيبية شديدة الإتساع ، شديدة الجمال والإبداع ، هى عالمك الحقيقى الذى خُلقت من أجله ، وحياتك الأبدية بلا انقطاع ..

( الله نور السماوات والأرض ) ..
ومفتاح هذا الجهاز بيد خالقه ، وهو عزّ وجل نورك إليه والهادى إلى طريقه ، ولن تتمكن أبدا من تفعيله ، إلا عند اتباعك لأوامره وتعاليمه ..

( الله نور السماوات والأرض مثل نوره ) ..
مثل نور الله المتقد فى القلوب ، نور البصيرة الذى أوقده لك علام الغيوب ، فالخالق هو الله ، والواهب هو الله ، ولا واقد لنور القلوب سواه ،
مثل نوره ( كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة ) مثال لثلاثة مكونات محسوسة أساسية فى جهازك المذهل للرؤية الغيبية ،
1. الجسد تقابله المشكاة ..
2. العقل يقابله المصباح ..
3. النفس تقابلها الزجاجة ..

فتلك مكونات ثلاثة أساسية لكى يعمل جهازك للرؤية الغيبية ،
1. ( العقل ) المتقد بزيجته مع الفطرة الذى هو بمثابة ( المصباح ) _ أو الفتيلة _ التى تشع نورا ،
2. تحيط به ( النفس ) المزكاة من فساد الطبع وتغول الغرائز ، كإحاطة ( الزجاجة ) بالمصباح بالضبط كى تحفظ ضوءه من التشتت وتزيد من تألقه وإبهاره ( المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري ) ،
3. والعقل والنفس فى داخل ( الجسد ) فهو الإطار الخارجى الحاكم لهما معا والذى يربطهما بعالم الحس والمادة ،
ويحيط بهما كإحاطة ( المشكاة ) بالمصباح والزجاجة (( المشكاة فتحة فى الحائط غير نافذة تعمل كعمل الشابوه القماش فى الأبچورات الحديثة )) فيحكم الضوء الخارج منهما أكثر فأكثر ويزيدهما رونقا وأشراقا ..

نور على نور ، من نور العقل والفطرة .. لإشراقة النفس .. إلى انشراح الصدر ( الصدر هنا معبرا عن الجسد ) نور يخترق حواجز الغيب ويبصر حقائق الأشياء ومآلاتها ،
( ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور )

ولكن من أين يوقد هذا المصباح وكيف ؟!! وما طبيعة ونوع وقوده ؟! وهذا ما سنستعرضه معا فى المقال القادم بإذن الله ..

الاثنين، 1 فبراير 2016

" النور للنفوس بمثابة الحياة "


( أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ) ..
يبين لنا المولى عز وجل أن النور للنفوس بمثابة الحياة للأبدان ، والنفوس المظلمة كالأجساد الميتة التى فقدت الشعور والإحساس بما حولها ،
مع الفارق أن النفوس فى ظلمتها تفقد الشعور والإحساس بالعالم الآخر ، عالم الغيب والحقائق الذى يفوق فى اتساعه عالم الحس والدنيا لأقصى حد ،
فكل ما لدينا من علوم الدنيا مجرد نقطة فى بحر عالم الحقائق والغيبيات ..!!

فلو جئنا مثلا بأغنى أغنياء الأرض ممن ضلّ طريقه إلى الله ، ونرى ما هى حقيقة حياته ،
لوجدناه شخص بائس حبس نفسه بين أربع جدران حجبوا عنه عالم من الغيب متناهى الكبر ، شديد الجمال والإبداع ..!!
وكل ما يلهو به هذا المسكين داخل تلك الغرفة الضيقة ( التى هى الدنيا ) ، يشغله حتما عن أدراك العالم الممتد خارجها الذى يملئ مابين السماوات والأرض ..!!
فليس لنفسه بصيرة ترى ما وراء الجدران ، فهو غيب مغيب عنه ، وهو فى غفلته هذه لم يتطرق طيلة حياته لفتح طاقة أو نافذة يطل بها على الأفاق ( يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ) ..

بينما النفوس المؤمنة الطاهرة تتنافس وتتفاوت فيما بينها فى عدد النوافذ واتساعها التى يشرق منها نور البصيرة التى تتكشّف أمامه عوالم الغيب فى الآفاق ( يهدي الله لنوره من يشاء ) ..
وكما قرأنا دوما أن من عاش فى الظلام لفترات طويلة ، فقد بصره وصار أعمى يتخبط فى طريقه ولو فى عز النهار ،
كذلك إن عاشت النفس فى الظلمات طيلة عمرها ، عميت بصيرتها وحشرت مع جسدها يوم القيامة تتخبط بلا هدى (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ) ،
فليس لديها نور تهتدى به فى عالمها الجديد القادم من غياهب الغيب ،
لتمثل أمامه والظلمة على أشدها فى أرض المحشر يوم الحساب ( ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور ) ..
( قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا .. قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ) ..

نسأل الله العافية .. وسنتكلم بشيئ من التفصيل عن نور البصيرة والمثل الرائع المضروب له فى سورة النور المرة القادمة بإذن الله ..

السبت، 30 يناير 2016

" النـفـوس ثـلاثـة .. "


النفس الأمارة ، والنفس اللوامة ، والنفس المطمئنة ؟! .. هل هم ثلاثة نفوس ، أم هم ثلاثة درجات يمكن أن تمر بهم النفس المؤمنة ..
الراجح لدى أن كلاهما صواب ؟! .. فهناك نفوس لم تتجاوز حياتها فى الأرض النفس الأمارة ..
بينما نجد نفوس أخرى تجاوزت النفس اللوامة إلى المطمئنة ، وهكذا فهم ثلاثة درجات متعاقبة يعلو بعضها البعض مقاما وتشريفا ، ليس من الضرورى أن تمر كل النفوس بها جميعا ،
ولكن لابد حتما للنفس المؤمنة أن تصل للنفس اللوامة حتى يصح إيمانُها ...

ولو تسألنا عن ماهية تلك الدرجات ، وعن سبب تسميتها بتلك الأسماء ، علينا أن نتذكر كلامنا السابق عن كرسى الإرادة ، والصراع حول العرش ما بين النفس والهوى من جهة ، والعقل والفطرة من جهة آخرى ..
فالنفس الأمارة هى نفس تغَلّب عليها الهوى وتمكن من إرادتها ..
والهوى كما نعلم أعمى ، ان غاب العقل والفطرة يطغى ، ولا يأمر إلا بإسراف أو إنحراف ( عفانا الله وإياكم من ذلك ) ،

بينما النفس اللوامة هى نفس المؤمن بحق _وان لم يكتمل ايمانه بعد _ وهى تراوحه ما بين علوّ صوت الضمير والعقل وبين رغبات الهوى والنفس ،
ويظل الأمر سجالا بينهما ، مع استمرار عملية التزكية طالما الإيمان ينمو ويزيد ،
وقد يحسم الأمر عند من اصطفاهم الله ووجد فيهم همة وعزيمة ، لصالح الضمير والعقل ..

وهنا نصل للطور الآخير والأهم ، للنفس التى أحبها الله لنا وجعل لها مقعد صدق عنده عزّ وجل ، للنفس المطمئنة حيث يحسم الصراع فيها لصالح الضمير والعقل ، ويكون الهوى تابعا لما جاء به الشرع ،
وتكون النفس قد أينعت بعد أن زَكّت ونمت ، وتخلصت من أدران الطبع ، وإلف العادات الذميمة ، وتغول الغرائز والشهوات ، وتجملت بالأخلاق الحميدة ...
حيث اعتدل مزاجها .. وسكن ضميرها .. ورضيت عن ربها .. وقرت عينها فى الجنة ..
( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ) ..

نسأل الله لنا ولكم حسن الخاتمة ..
هناك نقطة أخيرة نحب أن نوضحها جيدا ؛ بين كل من تلك الدرجات الثلاثة الرئيسية درجات ثانوية لا حصر لها ، تكون فيها النفس أقرب لإحدهما من الآخرى ،
فمثلا هناك نفس أقرب ما تكون لللوامة منها من الأمارة ، أو نفس أخرى تكون أقرب للمطمئنة منها من اللوامة .. وهكذا ..

الجمعة، 29 يناير 2016

" الإبتلاء يولد معنا "


الإبتلاء يولد معنا .. يولد ويظل كامن داخل كل واحد منا منذ أول نفس نتنفسه على الأرض ..؟!
بإستثناء قلة قليلة من أصحاب العاهات ( شفاهم الله وعفانا ) نولد بصحة جيدة وجسم سليم ، فليس الإبتلاء الذى يولد مع كل واحد منا يأتى من هنا ،
ولا من المعاناة بسبب فقر الوالدين ، أو أن يكون قدرك أن تولد فى مجتمع تتنازعه الصراعات والحروب ،
ورغم عموم البلاء بهذا وشيوعه فى أمتنا _نسأل الله أن يأذن برفعه قريبا عنا ويرحمنا _ إلا إنه ليس هو الإبتلاء الذى حتما ولابد يولد مع كل واحد منا ، ولم يُعافى منه ويكفيهم الله مؤونة مجاهدته سوى الأنبياء ؟! ..
فما هذا الإبتلاء يا تُرى ؟! ..

هذا الإبتلاء ببساطة هو ما غرسه الله فيك ، وتلبست به ، وأصبح أقرب الأشياء إليك ..
هو أنت ؟! نفسك التى بين جنبيك !! التى كلّفك الله بإصلاحها وتهذيبها وأعطاك الإمكانيات الكاملة لذلك ، وسخر لك ما فى السماوات والأرض ..

( ونفس وما سواها .. فألهمها فجورها وتقواها .. قد أفلح من زكّاها .. وقد خاب من دساها )
لديك غرائز تعلمت فى دين الله كيف تُرشّدها ،
ولديك طباع سيئة جُبِلَت عليها موجودة فى چيناتك ، عليك أن تسعى جاهدا للتخلص منها ،
وأعطاك صفات حميدة فى خلقتك كى تزكّيها وتنميها ،
وأيضا عاداتك التى اكتسبتها من بيئتك عليك أن تزنها مرة آخرى بميزان الشرع ..

فأنت فى مهمة محددة المعالم والوقت ، وهى من جهة الله تكليف وأمانة ، ومن جهتك ابتلاء واختبار ،
وكل ما تواجهه فى حياتك من عقبات ، أو تخوضه في الدنيا من امتحانات وابتلاءات ، وتلاقيه من العنت والتحديات ،
هو بمثابة الوقود الدافع للجهاد الحقيقى ، والملاحم الكبرى بداخلك ؟!
جهادك مع نفسك وطباعك وغرائزك ، التى تُسَعَّر معاركه كل يوم ، ولا يسمع ضجيجها إلا أنت ..!!

وجهادك كما يتأثر بما يجرى حوله ، يؤثر ؟! .. يؤثر ، ويبدل ، ويغيّر .. ويبنى ، ويزيل ، ويجدد ..
(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)
فمن داخلك تُبنى الأمم ، ومن داخلك أيضا إن كانت خواء .. تُزال أمم .. نسأل الله العافية ،

نسأل الله أن يهيئ لهذه الأمة أمر رشد يعزّ فيه أهل طاعته ، ويذل فيه أهل معصيته ، ويؤمر فيه بالمعروف ، وينهى فيه عن المنكر ، اللهم أذن لشرعك أن يحكم وأن يسود ،
اللهم آمين ..

الخميس، 28 يناير 2016

" القيم والمعتقد "


تختلف اهتمامات الناس اختلاف بيّن ، فلكل فرد منا اهتماماته الخاصة التى يسعى جاهدا لتفعيلها فى الحياة ..
والاهتمامات هى قيم مشتركة تتفاضل الناس فى أولوياتها ، كما تتفاضل فى سلوكها نحوها وطريقة تحصيلها ..

(فالمال ) قد يشترك فيه اثنين باعتباره قيمة أولية يسعى كل منهما لتحقيقها فى الحياة ، ولكن هناك من يسلك طريق العمل والتفانى ، والآخر يسلك مسلك الغش والخداع ..!!
وهذا يرجع فى الأساس إلى اختلاف منطلق كل واحد منهم لتلك القيمة ( العقيدة ) ، والتأثير الحتمى لتلك ( العقيدة ) فى السلوكيات ...

( العقيدة ) هنا لا تمثل الدين الذى يعتنقه كل منهما بقدر ما تمثل فهم كل منهما لهذا الدين ؟!
فقد يكون لديهما نفس الديانة ، ولكن شتان شتان بين فهمهما لحقيقة هذا الدين ..!!

هنا ندرك تأثير الصراع الداخلى مابين الفطرة والمنطق من ناحية ، والهوى من ناحية آخرى ، ومدى تأثر ( المعتقد ) بنتيجة هذا الصراع ..
وعندما يكون المعتقد السليم الناتج عن الفطرة والمنطق هو المنطلق الذى تنطلق منه القيم ، تحدث حتما التزكية ..
فالتزكية تحدث مع الممارسة الاعتيادية للقيم النابعة من معتقد سليم ،

وأى عملية لفرض قيم جاء بها الدين على الآخريين ( كالأبناء مثلا ) مع اغفال البعد العقدى وتأصيله قناعاته فى قلوبهم ، لن يأتى أبدا بتزكية بل يأتى بعميلة عكسية تماما يأتى ( بكبت ) ينتظر الانفجار فى أى لحظة ..!!
فعملية زرع القيم لا تأتى بالتربية عن طريق التعود فقط ، بل يجب أن يصاحب ذلك بالتوازى دائما تأصيل المعتقد فى القلوب ،
اللهم اهدى بناتنا وأبنائنا ، وأعنا على تربيتهم واحفظهم من كل سوء ...

الأربعاء، 27 يناير 2016

" الهوى واللامنطق "


هناك دائما طريقتان لشرح أى مسألة ، الأكثر تداولا والمتعارف عليه أن تبدأ بالنقاط الرئيسية والمبادئ الأساسية ، ثم تفند وتفصل الواحدة منها بعد الآخرى فى تسلسل طبيعى منطقى ،
أما ما قمنا به فى شرح طبيعة النفس ومكوناتها ، أن اتبعنا الطريقة الآخرى فى الشرح بالخوض مباشرا فى صلب الموضوع متجاوزين التسلسل والتمهيد الطبيعى للمسألة ، وخلال تناولنا لصلب الموضوع نمضى ونفند مكونات النفس البشرية ، وماهى طبيعة عمل كل واحدة منها ؟!
ثم نختم المسألة بذكر التقسيمات الأساسية للنفس وعناصرها الرئيسية ، التى كان ينبغى ان كنا اتبعنا ( الطريقة الأولى ) فى الشرح أن نذكرها أولا ..!!

* فهيا نستكمل معا ما بدأناه سابقا فى تشريح النفس ومكوناتها ، ونمضى على نفس المنوال فى طريقتنا للشرح ، ونتسائل كيف للعقل أن يكون عند كثير من الناس خاضعا للهوى ؟!
العقل يعنى ( 1+1=2 ) أى هو المنطق ، فكيف يمكن للمنطق أن يخضع للهوى ؟!
الإجابة واضحة المعالم أمامنا ، وما نراه من تطبيقات للمنطق فى المجالات العلمية المختلفة عند أهل الهوى ، التى هى السبب الرئيسى وراء تقدمهم الحضارى والتقنى ، ترجع فى الأساس كون المنطق وراءه مصلحة ؟!
فحين تكون المصلحة يُقَدّم الهوى المنطق ، أما إذا تعارضت المصلحة مع المنطق يتبنى الهوى اللامنطق !!
نراه ذلك واضحا فى سجود أغلب البشر وإيمانهم العميق بالشجر والحجر والبقر ، فى سعى منهم للتفلت من التكاليف والأوامر الربانية .. نسأل الله العافية
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

* وننتقل مباشرا إلى سؤالنا التالى وهو عن الفطرة ، وكيف يختلف موقعها عند الحيوان عن موقعها فى نفوس البشر ؟! ..
بالتأكيد هناك اختلاف .. فالفطرة عند الحيوان حاكمة لا يستطيع أبدا الخروج عنها ، ولكنه يمكن لهواه فى بعض الأحيان تجاهلها ؟
( وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم )
فنعلم أن هناك فى عالم الحيوان شيئ من الظلم والخيانة والبغى والكذب ناتج عن مخالفتهم فى بعض الأحيان لفطرتهم ، التى تأمرهم ولابد بالعدل والإنصاف والوفاء والصدق !!
وإلا كيف نفهم أنهم يُحشرون ويحاسبون ؟! .. ( ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون )

( لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء -التي بدون قرون- من الشاة القرناء ) .. رواه مسلم
ولكن هل يستطيع الحيوان الخروج عن فطرته ؟ هل يمكنه فعل ما فعله بنى الإنسان من الكفر ، والجحود ، والشذوذ ، والخروج عن طبيعة وظيفته التى وضعها الله فى فطرته من النفع والاصلاح إلى التدمير والإفساد فى الأرض ..
فالإنسان وان كان يمكنه مخالفة الفطرة وتجاهلها أحيانا كالحيوان ، إلا إنه يزيد على ذلك طغيانه والمروق من فطرته بالكلية ، إن أساء استخدام إرادته الحرة التى أودعها الله فيه على سبيل الأمانة _ نسأل الله العافية _ والفرق بين المروق والمخالفة ، كالفرق ما بين الكفر والمعصية ...
وإلى مزيد من سرد أسرار النفس وأغوارها المرة القادمة بإذن الله ...
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

ملحوظة ( 1 ) :_ ( الكذب ) فى عالم الحيوان نجده فى كتاب الله عز وجل فى قول سليمان عليه السلام للهدهد ( قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين )
ملحوظة ( 2 ) :_ الحيوان ليس ( مكلّف ) فلا يثاب يوم الحساب ولايعاقب كبنى الإنسان ، ولكنه يقتص منه فى ظلمه لبنى جنسه ثم يصير تراب ...

الثلاثاء، 26 يناير 2016

" وفي أنفسكم أفلا تبصرون "


( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) .. سورة الذاريات
تفحص النفس وإكتشاف أغوارها لهو مطلب حياتى قبل أن يكون واجب شرعى ،
فأغلب أوجاعنا ترجع أساسا لإعتلال النفوس قبل اعتلال الأبدان ، ولا تكفى أبدا المعرفة السطحية بما هو المطلوب لصحتنا النفسية فى مواجهة الضغوط ومشاكلنا اليومية ..
فإذا أصيب أحدنا بمرض فى جسده ( نسأل الله العافية ) اشتكى سريعا محددا اسم العضو المصاب فى جسده ، نظرا لشيوع معرفة الجميع بأعضائهم الداخلية ،
بينما لا نجد إلا أقل القليل من يعرف ويحدد سبب اعتلال مزاجه وضيق صدره ،

حتى من علم أن شفاءه فى اللجوء لخالقه والتقرب إليه ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب) .. سورة الرعد
هل علم ما طبيعة الطاعات من (صوم أو صدقات أو صلة رحم ..أو غيرها ) التى عليه الإكثار منها حتى يشفى من مرض محدد فى نفسه ، ولا هو أصبح كالمريض الذى لا يدرى عن العلاج إلا أن عليه بالدواء ؟!

فشفاء النفوس بالطبع فى طاعة الله والتقرب إليه ، ولكن لكل علة فى النفس دواءها فى منهج الله ؟

فهناك الشهوانى المسرف ، وهناك الغافل .. وهناك الشحيح البخيل أو المغرور المتكبر أو .. أو .. ، ولكل من هؤلاء ما يناسبه فى منهج الله ..
فالشهوانى علاجه الصوم مثلا ، وفى الذكر والصلاة علاج الغفلة ، والشحيح علاجه الإنفاق على الفقراء ، وصلة الرحم علاج الكبر والغرور .. وهكذا ..
فلنتعرّف على أنفسنا أولا من خلال كتاب الله وسُنة رسوله ،
من ثَم سنجد طريقنا ممهدا بعدها بمشيئة الله للعلاج الشافى ،
عفانا الله وإياكم من شر الضيق والهم .. والله المستعان

الاثنين، 25 يناير 2016

" الإرادة الحرة والتكليف "


التكليف وارتباطه بسن البلوغ ، وتعليل ذلك بإعتلاء ( العقل ) عرش الإرادة عند هذه السن وإدارته للأمور بدلا عن ( الهوى ) ، لهو طرح يفتح لنا الآفاق لأبعاد ورؤى جديدة ...
فلا يمكنى تصور الآن أن مجرد ( العقل ) هو الفرق الجوهرى بيننا وبين الحيوان ، نعم مُيزنا عنهم والحمد لله بعقول موسوعية جبارة ، ولكن الأهم من ذلك تميزنا عنهم بالإرادة الحرة ...
إرادة ليست كإرادة الحيوان ؟! إرادة تتمثل فى استقلالية العقل عن سيطرة الهوى واعتلاءه لسدة الحكم ، وتمكنه من الإرادة ( وذلك فى حال جنوحه نحو الفطرة ) ...
بينما الحيوان تظل إرادته وعقله طيلة حياته خاضعة تماما لهواه ؟ مثلهم مثل الأطفال قبل مرحلة البلوغ رغم التفاوت الكبير بينهم وبين الأطفال فى العقول والمشاعر ..

لكن السؤال الأهم هنا ، ماذا وراء تمكن عقل الإنسان البالغ من الإرادة ؟! ..
الإجابة ببساطة تكمن فى التزكية .. فالإنسان البالغ هو القادر وحده بإرادته الحرة التى وهبها الله له ، من تحدى بيئته وعاداته وتقاليده حتى غرائزئه وطباعه الموروثة ، وأن يتجاوز كل هذا وينشئ له كيانه الخاص ، وأن يكون له شخصية منفردة جديدة ..؟!
( ونفس وما سواها .. فألهمها فجورها وتقواها .. قد أفلح من زكاها .. وقد خاب من دساها )
فعند اعتلاء ( العقل ) للهوى ومع استحضار الفطرة تحدث التزكية ...

بينما حين تضعف الهمّة أمام الغرائز والشهوات ويعتلى الهوى ( العقل ) ،
تعلو ( ال أنا ) وتتغول الغرائز فى النفس ، وتذبل الفطرة ( الضمير ) وتموت معها الطباع الحميدة ...

( إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى )
بل يصبح الإنسان أسوء حالا بكثير من الحيوان ، وذلك لأن الفطرة عند الحيوان لا تموت أبدا ، وتظل حاكمة على الهوى فلا يطغى ويخرج عنها ..

بينما الإنسان حين يستقل الهوى بالإرادة يسارع فى الطغيان ولا تقف أمامه فطرة ولا عقل ، وهو القاتل لفطرته بتنكره الدائم لها وخروجه عنها .. ( إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا )
والخلاصة إرادتك الحرة إما تكون نعمة وسببا لترقيتك عن طريق التزكية ، أو نقمة وسببا للإرتكاس _والعياذ بالله_ بالخروج عن العقل والفطرة .. نسأل الله لنا ولكم العافية ..
وإلى مزيد من التفصيل فى المرات القادمة بإذن الله ..

الأحد، 24 يناير 2016

" البلوغ والتكليف "


ما الأمر الطارئ الذى يحدث عند البلوغ ليصبح الإنسان بعدها مكلّف .. ؟!
سؤال أعيانى التفكير فيه ولم أجد فى جميع ما قرأت إلا إجابة واحدة " أن البلوغ هو مرحلة النضوج العقلى " ..
أى أن النضوج العقلى هو بداية التكليف ، وهذا ما أقره حقيقا ولا خلاف لى مع ذلك ،
لكن ما يحيرنى أن البلوغ أمرا طارئا أشبه بعملية الولادة فهل يسرى ذلك أيضا على النضوج ، أن تولد العقول ناضجة فجاءة فى رؤوسنا بين عشية وضحاها مع البلوغ .. .؟!

أعتقد أن هناك أمرا آخر مع عميلة النضوج العقلى وراء ارتباط التكليف بالبلوغ ، دعنا لنتعرف معا عليه ، ولنبدأ بالإستعانة بالله :_
1. أنت اثنين فى واحد ..
-------------------------
فنفسك تتألف من شريكين رئيسين يتنافسان على إرادتك ،
*أمير الوجدان والمشاعر .. ( الهوى )
*أمير الوعى والإدراك .. ( العقل )
وعندما يجلس أحدهما على كرسى العرش الذى يمثل الإرادة ، يصبح الأمير الآخر معاونا وخاضعا له ..
----

2. ( الهوى ) وَصىّ على العرش قبل البلوغ ..
-------------------------
ففى مرحلة الطفولة وماقبل البلوغ يجلس الهوى متربعا على كرسى العرش الذى هو الإرادة ، كوَصىّ على المُلك وليس المَلك ، إلى أن يكبر الملك الحقيقى وينضج الأمير الصغير الذى يدعى العقل ..
فالعقل هو الوريث الشرعى الذى أراد الله له عند البلوغ أن يمتلك فى النفس البشرية الإرادة ، وان يكون الهوى خادما معينا له ..
----

3. عند البلوغ يعتلى ( العقل ) العرش ..
-------------------------
وكل مانراه فى مرحلة البلوغ من تغيرات عاطفية ونزعة للتمرد على كل ما هو قديم راسخ فى النفس من مفاهييم وعلاقات وتقاليد ، يرجع فى اساسه إلى الإنقلاب الذى حدث على كرسى العرش ومراجعة العقل لكل الدفاتر القديمة .. !!
فتلك الانتفاضة هى بداية التكليف عند الإنسان ، وأيضا بداية البحث عن شريكة الحياة ..
----

4. الملكة ( أميرة ) من حرملك المشاعر والوجدان ..
-------------------------
فمن داخل حرملك المشاعر والوجدان ، أطلت أميرتان من خلف الستار كاشفة كل منهما النقاب عن وجهها ، وتُمنى نفسها أن تصبح الملكة ..؟!
لكن شتان مابين الطين والسماء ، مابين من أرسلها ( الهوى ) للملك الصغير حتى يقع فى غرامها ويسترد من خلالها الملك مرة آخرى ،
وبين أميرة نقية طاهرة التى طلما تجاهلها ( الهوى ) ونبذها فى فترة حكمه ،
الأميرة النقية الطاهرة التى ستكون إن تُوّجت ، أفضل شريك ( للعقل ) الملك الصغير ، وأفضل معين له لإعادة ترتيب شئون مملكته ، واستمرار حكمه ، ومنع ( الهوى ) من الاستيلاء مرة آخرى عليه .. !!

أعتقد انكم تتوقون الآن لإسم الأميرة التقية النقية ؟ ..
أميرتنا التقية النقية ألا وهى ( الفطرة ) .. ، أما الأميرة التى جندها الهوى لغواية الملك الصغير حتى يسترد منه ملكه مرة آخرى فهى ( الغريزة الجنسية ) ..

بالطبع كان هذا السرد للتبسيط ، وفى المرة القادمة سنحاول التفصيل بطريقة علمية بإذن الله ، نسأل الله السداد والتوفيق ..

السبت، 23 يناير 2016

" اعتدال المزاج "


اعتدال المزاج هو المطلب الرئيسى وراء كل نشاطنا اليومى ،
فنحن دوما نبحث عن السعادة والطمأنينة والرضا والسكينة ، ونكافح لندفع عنا الكأبة والقلق والتسخط والإضطراب ..
نأكل .. نشرب .. نعمل .. نلعب .. إلخ ، فى سعى متواصل نحو الصفاء الداخلى ، واعتدال مزاجنا النفسى ..

والمزاج واحد من حيث تكوينه لدى جميع البشر ويتألف من عناصر أربعة ، لكل عنصر من تلك العناصر حدين متقابلين تتقلب بينهما حالتنا المزاجية :_
1- من السعادة إلى الكأبة ......
2- الرضا - التسخط ......
3- الطمأنينة - القلق ......
4- السكينة - الاضطراب ..
لتتفاوت النفوس فيما بينها من حيث الحالة المزاجية ، ويصبح لكل منها سمتها الخاص الذى يميزها ،

وإن كان المزاج يعد دائما من المشاعر ، إلا إنه يختلف عنها فى كونه مستديم لفترة أطول ومستقر ،
فالمزاج خط مشاعر مستديم فى خلفية وأعماق النفس ، راسخ ومستقر فى الوجدان ، تتدفق من فوق سطحه أمواج من المشاعر العابرة المتولدة من الأفكار والأحداث اليومية ، التى ما تلبث أن تذهب وتختفى ويظل المزاج مستقر فى الخلفية ..

فسيل المشاعر المتدفقة يوميا من فرح وهم ، ومحبة وبغض ، وشفقة وغضب .. إلخ ، تؤثر على المزاج بصورة مؤقتة ولا تغيره بصورة مستديمة ، كما انها أيضا ليست هى الصانعة له ؟!
فالمزاج صنيعة المعتقد الذى يختلف بحسب اعتقاد كل واحد منّا ، ومدى تفعيلنا لقِيَّمه التى نحملها ونؤمن بها فى الحياة ..
فقد وصف المولى عزّ وجل حياة المؤمنين فى الدنيا بما فازوا به من طمأنينة ورضا واعتدال لمزاجهم العام ، بالحياة الطيبة ..
( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة )

بينما نجد عقوبته لمن أعرض عن ذكره بأن سلبه صفاءه النفسى وكدّر عليه مزاجه العام ..
( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا )

هذا فى أعماق النفس البشرية وفى المشاعر الراسخة فى الوجدان التى يطلق عليها المزاج ،
وليست للمشاعر العابرة التى تتولد معنا بصورة مستمرة فى حياتنا اليومية ، التى لا هى المقياس ولا تعبر أبدا عما يعيشه الإنسان فى داخله من شقاء أو سعادة ...

فالشقى يفرح ويستمتع ويمرح ، لكن يظل فى قرار نفسه شقى ،
والسعيد يحزن ويبكى ويغضب ، لكن يظل فى قرار نفسه سعيد ،

نسأل الله أن نكون وإياكم من أهل السعادة ..

الجمعة، 22 يناير 2016

" الإنسان كتلة مشاعر "


الإنسان كتلة مشاعر .. وهى حقيقة سعادته أو شقائه ،
والجسد الخالى من المشاعر هو جسد ميت بلا شك مهما تنوعت مصادر لذاته ..
فالجسد لا يُنعّم ؟! فهو مجرد ألة نستشعر بها الأشياء من حولنا ، وينتقل من خلالها الاحساس بعد ذلك إلى النفس وتتولد المشاعر...
فالنعيم نعيم النفس .... والشقاء شقاء النفس وإن تنعم الجسد ..

فمشاعر المحبة والرضا .. والشفقة والرحمة .. أو مشاعر التسامح والإنصاف والمودة إلخ .. كلها مشاعر روحية بعيدة تماما عن اللذة الحسية ، ولابد لنا من مشاركتها مع الآخريين حتى ننعم معها بنفس مطمئنة وحياة طيبة فى الدنيا قبل الآخرة ..
وكلما استغرقتنا محبة الذات ومحبة ملذاتها ، حُشرنا فى بوتقة الجسد بما فيه من كتم المشاعر وخنقها ..
فالمشاعر لاتنمو وتنشرح إلا من خلال تواصلها بمشاعر الآخريين والتناغم والانسجام معها ..
ومهما بلغ الجسد ذروة النشوة عن طريق التنعم بالملذات والاستمتاع بها ، لن يغنى ذلك عنه شيئا ، ما دام لا يستشعر معها مشاعر الدفئ والحنان والرحمة والمودة ...
مشاعر يفتقدها من نصرة لمظلوم ، أو طُعمة لجائع .. أو إغاثة ملهوف وعفو عن الناس ، أو تتجلى فى برّه بأهله وإخوانه ، هكذا تكون الحياة وهكذا تكون السعادة ..

وإن كان الصدق مع النفس والإخلاص هو قوام كل ذلك ، فهناك الكثير من المخادعين الذين لايخدعون الآخريين بقدر خداعهم لأنفسهم ؟!
فكيف نفهم مثلا تجمل أحدهم لمن حوله بأخلاقه مع إسائته لأهله ،
أو آخر يتفانى فى بذل العطاء لأهل بيته وهو عاق لأمه ،
أو أضلهم سبيلا الذى لا تغادر البشاشة وجهه ومتسامح مع كل الناس وهو غافل تماما عن ربه ؟!! ..
غافل عمن خلقه ، وخلق وجدانه ومشاعره ،
جاحد لمنبع المشاعر النبيلة فى الكون كله ،
ويذهب ليستجدى من الأخريين مشاعر المحبة والمودة بأن يبادر ببذل مشاعره المزيفة نحوهم حتى يبادلوه بمثلها .. !!
فيملئ خواء نفسه ، ويعمر خراب قلبه ، ويأخذ من مشاعر الناس مايؤنس به وحشته ..؟!
فأنّى له ذلك ؟ وهى خواء فى خواء ، وخراب فى خراب ، وظلمة فوق ظلمة ...
فلن يزيده الماء المالح إلا عطشا ..!! ولما الماء المالح ؟ ومحبة الله وما يحبه الله ماء فرات يملئ ما بين السماوات والأرض ...

لايعرف معنى المحبة من لا يعرف ربه ..
لا يعرف معنى السعادة من غفل عن ذكر ربه ..
لا يتجرع إلا الشقاء إلا من جحد فضل وإحسان ربه .. نسأل الله العافية ..

الخميس، 21 يناير 2016

" مــولــود جــديــد "


خطوات الأمس هى نفسها خطوات اليوم ، وغدا وبعد غد .. ماالجديد !!
وعطلة نهاية الإسبوع لازالت هناك بعيد ..
الوجوه تتشابه .. والكلام على نفس الإيقاع .. وعمرى يجرى ،
ويبدو أن العمر هو المارق الوحيد ..
يــاالـــهــــى !!
أشــــتــاق .. أشــــتــاق لـرؤيــة مــولــود جــديــد ..
يذكرنى بك ربــى .. ويُحـيـى فيا الأمل من جـديـد ..

أشـــتاق لأول خيط ضوء يـشـق فى الفجر السماء ،
أو صرخة مولود أطـل برأسه حديثـا بين الأحيـاء ،
أو عودة شقى وتوبة فاجر وقد أجهش طويلا فى البكاء ..
أشتاق لمولود جديد يذكرنى بك ربــى .. أشتاق وأشتاق ..

الكثير منا كونه ولد مسلما يظن أنه طرق أبواب الجنان ، ألا يعلم المسكين أنها نعمة كغيرها من النعم تدوم بالشكر وتزول بالجحود ..؟!
نعم ولدت مسلما تتكلم العربية لغة القرآن ، فى مجتمع يدين أغلب أهله بالإسلام ،
ولكنها دفعة لك قوية على طريق البداية لابد أن تستثمرها ، حتى تصل آمناً فى نهاية الرحلة وتطرق أبواب الجنان ..

مابين الحياة والموت ، والصحة والمرض .. مابين السعادة والشقاء ، والفرحة والنكد .. يكمن معنى الحياة ..
البحث عن معنى الحياة هو سفينة النجاة ..
سفينة نوح لقلبك حتى تصل لصخرة اليقين وشط الإيمان ..

وكل ماعدا ذلك من أمور وأحداث ، إما تستغرقك فتغرق !!
أو تسمو فوقها على ظهر سفينة الصبر حتى تصل لجنة الســماء ..

الأربعاء، 20 يناير 2016

" جـريـمـة برضـا الطـرفيـن "


حذارى أن يسرق منك .. ؟!!
ستتلقفه اللصوص بمجرد أن يطل عليهم من بين الضلوع ولن تلاحقهم .. مهما لهثت خلفهم سيسبقوك ولن تلحقهم ؟! ..
ستلهث وراء الأموال وقد دسوه فى محافظهم .. وتلاحق المظاهر والجاه بعد أن أخفوه فى ملابسهم .. ووراء النساء وقد ربطوه فى ضفائرهم .. !!
وأنّى لك أن تلحق بمن سلب قلبك ، ولو ضاع عمرك كله وأنت تطاردهم ..!!

---
* القلب حين تملئه الشهوات والهوى يكون فى خفة الطير ( فى هلعه على الدنيا ) ، وأحلام السباع ( فى سرعة الغضب ) ..
ولن يستطيع الصدر بكل ما احتواه من أضلع أن يحتويه ويمنع تفلته ... والخاطفين فى ترقب وصوله وهروبه إليهم .. !!
فهل أجرموا بعد ذلك إن سرقوه ؟ وهل القلب المفتون يطلق عليه ضحية ؟!!!

---
* مسكين أنت يا ذا القلب الفارغ .. شقىٌ أنت وراء قلبك الجامح .. تعيسٌ فى لهثك خلف كل سارق وخاطف .. !!
لا عمل صالح فى القلب يُرسيه .. ولا دعوة فقير تُهَدّئ من طيشه وتبقيه .. ولا عزم من تقوى تربطه فى جذع الإيمان فتنجيه .. !!

وحسبُك هذه الآية .. ( إن كادت لتبدى به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين ) .. فلو رضى عنك لثبتك وعصمك .. نسأل الله السلامة

الثلاثاء، 19 يناير 2016

" حـتـى المــلائـكــة تــســــأل "


الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. لا إلاه إلا الله والله اكبر .. الله اكبر ولله الحمد..
ولله الحمد بعدد ورق الإشجار..
وله الحمد بعدد ذرات الرمال ، وأمواج المحيط ، وقطرات الأمطار.

حمداً لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وبفضله تُحصل الدرجات ، وبسعة عفوه تُحط عنا الخطايا وتُكَفّر السيئات ,
الحمد لله على تمام الشهر وكمال الفضل ..
 

بالأمس كنا نتظره بالأشواق ، ومالبث أن رحل عنا سريعا ، وها نحن اليوم مع فرحة الأعياد ، فالحمد لله الذي أتم علينا نعمة الصيام والقيام ..

للعيد فرحة .. ولنا مع فرحة العيد أعظم فرحة .. هدية من السماء تفضل الله بها علينا .. ومنّة كبرى وباب علم لم أكن أتصور أن يفتح هكذا فجاءة وبكل تلك السلاسة والحلاوة ونضارة الإيمان ، أسأل الله لنا ولهذا الأخ الكريم _الذى لا أعرفه إلا من كلامه_ الفردوس الأعلى ..

هدية من السماء لكل باحث عن أنوار الحكمة .. لم تأتينا على لسان معمم أزهرى ، ولا شيخ سلفى ، ولا حتى لسان فصيح عربى ؟! .. بل جاءت على لسان أعجمى .. نعم أعجمى حتى الآيات نراه لا يتقن قرائتها بالعربية فى هذا الفيديو بعد ..
ولكنها لقلب نحسبه عمر بالإيمان _والله حسيبه ولا نزكى على الله أحد _ واستضاء بنور القرآن .. وتقاطر العطر من فمه بذكر الواحد الديّان .. الله أكبر


لتسلسل أفكاره .. والبساطة فى طرحها .. والإجابة على أصعب الأسئلة وأهمها ، موهبة .. منّ الله بها عليه ، ومنّ علينا أن وفقنا لرؤيته وسماعها ..

فلنستمع معا لتلك المحاضرة الرائعة أولا ، ولنا معها بعد ذلك بمشيئة الله وقفات ووقفات ، ولكنّى حقيقا أخشى أن يعجز قلمى عن الكتابة بعدها ..
 

فلنستمع الآن ..
 https://youtu.be/JpVa34Tj4rE

الاثنين، 18 يناير 2016

" أبـعـــــاد مـخـفـيـــــة ؟! "



الإيمان بالغيب يجعلنا ندرك بعدا آخر للكون فوق أبعاده المكانية والزمانية ..

فإن كانت أبصارنا وحواسنا تدرك الزمان والمكان ، فبالبصيرة التى محلها القلب ندرك البعد الخفى للأشياء ، ونرى قيمتها الحقيقية فى هذا البعد ووزنها فى ميزان الله ..

وكم من الأعمال العظيمة تدركها حواسنا ، وهى فى ميزان الله وفى هذا البعد _من حيث النيّة والإخلاص_ لاقيمة لها ووضيعة ،
والعكس بالعكس والنصوص فى ذلك كثيرة ...

وعلى ذلك يخطئ من يحصر حركة الإنسان فقط فى أبعاده المرئية والزمانية ، فالإيمان بالغيب يدعونا لإدرك كنه حركته الصاعدة والهابطة فى هذا البعد الخفى ، التى تكون بقدر ما يرفعه إيمانه أو تحط خطاياه من منزلته ..
صعودا وارتقاءً ومحبةً لله وقربا ، أو نزولا وتسافلا ومقتا من الله وبعدا ...
درجات ومراتب لكل منها حظها من السعادة ، تزداد مع الترقى والصعود ، وتقل تدريجيا مع البعد والسقوط ، حتى تصل فى القاع لدركات الضنك والتعاسة والعياذ بالله ..

وكما نرى فى أبعاد عالمنا المرئى من بذل الجهد فى صعود الدرج وتحمل المشقة من أجل ذلك ، علينا أيضا إن أردنا الإرتقاء فى مراتب العبودية مع هذا البعد الخفى بذل الجهد وتحمل المشقة ..
وليس فى الهبوط بالطبع على كافة الأبعاد المرئية كانت أم الغيبية ، بذل أى جهد أو مشقة ،
فليس الهبوط  كالصعود ، وليس الترقى كالسقوط ، ولكن يظل دائما فى الترقى السعادة وفى السقوط الضنك والشقاء ..

فنحن نبذل قصارى الجهد ونتحمل المشاق من أجل أن نسعد ونرتقى ، نراه جليّا فى حركة كل من أراد بسعيه الدنيا ،
وللسعى للآخرة يكون بذل الجهد وتحمل المشاق هو المطلوب وهو الأَولى ، كى ننال السعادة الحقيقية الدائمة دنيا وآخرة ،

بينما التفريط والوهن طريق الشقاء والتعاسة دائما ، سواء كان فى فقر من فرّط فى السعى للدنيا ،
أو حياة الضنك التى هى عين الشقاء لكل من تخاذل فى سعيه للآخرة ( نعوذ بالله من ذلك ) ،

تلك كانت مقدمة ضرورية مع الأبعاد الخفية حتى نفهم بعد ذلك ما حقيقة الإبتلاء ؟ ولما كان الأنبياء هم أشد الناس بلاءً ثم الأمثل فالأمثل ، وإذا أحب الله عبدا ابتلاه ،
وهذا ما سنناقشه بشيئ من التفصيل فى المرات القادمة بمشيئة الله ..