الثلاثاء، 9 فبراير 2016

" الإيـقـاع الـداخـلـى .. "



موضوع المشاعر بحر ليس له أخر ، كلما أردت أن أنتهى من الكلام فيه وجدت أنى لم أتكلم فيه بعد .. ؟!!!
سنتكلم عنها اليوم بطريقة مختلفة قليلا ، قد يراها البعض ممتعة ولذيذة ، سنتكلم اليوم عن الموسيقى ؟! .. ولكن ليست أى موسيقى ، الموسيقى الذاتية التى تعزف داخل كل واحد منا ..!!
بـدايـةً الموسـيـقى مثلها مثل أى عمل فـنى آخـر ، هى عبارة عن مـشـاعـر وانفـعـالات لفـنـان أراد أن يـنـقـلها للآخـريين فى صورة عـمـل مـوسـيـقى ،
وعنـد انتقالها إليـك وفى حال تـنـاغـمـها مع مشـاعـرك ، تنـتـج حـالـة شـعـوريـة تضاهى إلى حـد كبـيـر الحـالـة التى كان عليها هـذا الفـنــان ،
وبالتالى كل واحـد منّا يميل إلى الموسيقى المتناغمة مع حالته الوجدانية ، ويتنـافـر مع أنـواع آخـرى تضـاد تلك الحـالـة ، فالموسـيـقى ماهى إلا لـغـة مـشـاعـرنـا المسـموعـة ..

وهناك عـزف منفـرد آخـر غيـر مسـموع داخـل كل واحد منا ، يـعـزف ذاتـيا بواسطة المشـاعـر المتـدفـقـة داخل قلوبنا يوميا ، التى تتقلب وتختلف باختلاف الأوقات والأحوال ، ولكـل منّـا قطعـتـه الموسـيقيـة ..!!
وكما إن الموسيقى منها الصاخب والغاضب والمرح والعاطفى والحزينى ، فالنفس تتقلب فى مشاعرها بين تلك الأحوال ويتفاعل معها الفكر والجسد ،
فنمط التفكير التشائمى تصاحبه مشاعر حزينه وضيق فى الصدر وانقباض فى الجسد ،
بينما نمط التفكير الإيجابى تصاحبه مشاعر مبهجة وانشراح فى الصـدر وانبسـاط فى الجـسـد ،
و( المزاج العام ) الذى شرحناه قبل ذلك ماهو إلا إيقـاعـك الذى يعزف فى الخلفية ، الذى لا غنى عنه لأى معزوفـة موسـيقـية ، وهو الذى يسـتمر بعد انتهـاء حالتـك المـؤقـتـة الشـعـورية ولايسـمـع بـعـدها غيـره فى الخلفيـة ،

لذلك أهل السعادة أهل الإيمان من وهبهم الله الإيقاع الجيد من رضا وسعادة وسكينة وطمأنينة ( راجع ما شرحناه سابقا فى الحالة المزاجية )
هؤلاء لايزعجهم الجلوس منفردين ، ولا يستوحشون البعد عن الناس ، لإستمرار الايقاع الربانى فى العزف داخل نفوسهم ..
بينما لانرى أحد ممن ابتلى بالمزاج السيئ لسوء عمله يستطيع ان يعتزل الحياة بصخبها ولو لحظة ، لإستمرارية الإيقاع المزعج من سخط وكآبة وقلق واضطراب داخل نفسه ،
فلابد له من مشاعر متزاحمة تغطى على هذا الإيقاع حتى لا يزعجه ، فهو فى شغل دائم ، أو انغماز فى الشهوات بصورة مستمرة ، أو يستمع حتى فى وقت فراغه إلى معزوفة موسيقية خارجية تملئ هذا الفراغ وتغطى على ايقاعه الداخلى السيئ ..!! عفانا الله واياكم ..
بل انه فى حال عجزه عن كل ذلك ولابد له من شيئ يشغله ،
يستحضر لاشعوريا من عقله الباطن معزوفة موسيقية محببة لنفسه وتظل تتردد تلقائيا فى الخلفية لتغطى على مزاجه السيئ!!
ثم نأتى هنا لتفاحة الكلام وحلاوة الختام فى تلك المسألة ؛ ونتكلم عن متى يحدث الإخبات والوجل والقشعريرة التى خص الله بها عباده المخلصين ؟ .
يحدث هذا عندما تتناغم المشاعر المصاحبة لك فى الصلاة والتضرع وقراءة القرآن إلخ ، مع الإيقاع المستقر داخل وجدان كل نفس مطمئنة ،
فتقشعر الجلود .. وتلين معها القلوب .. وينشرح الصدر .. وتدمع العين .. وينبسط الجسد ..
بينما تحدث انفعالات جسـدية آخـرى مغـايـرة تصاحب إيقــاع القـلـوب التعيسـة الشـقية ؛
مـن إنقـبـاض للصـدر .. والضيـق .. والسـخـونـة ,, والنـفـور والضجر!! .. فى حـال تناغـمها أيضا مع المشـاعـر المسـتحـدثـة من الحيـاة اليـومـيـة ..
بمعنى ان ذروة الانفعال الجسدى وقمته التى تتجلى فى صـور مختلفة ؛ من انبسـاط وانقباض ، قـشـعـريـرة ، دمـوع ، خفـقـان ، سـخـونة بـرودة ، إلـخ ..
تأتى دائـما عنـدمـا يحـدث تنـاغـم مابـيـن المشـاعـر المسـتحدثـة يـوميـا والإيـقـاع الـداخـلـى ( الـمـزاج ) ..
وجـزاكـم الله خيـرا ورزقنا وإياكم راحـة البـال ..
--------
ملحوظة للمتعمقين :_ المزاج الداخلى أيضا ( الإيقاع ) طبقات يعلو بعضها البعض ،
أعمقها هو المستقر الدائم حسب حظ النفس من الإيـمـان والكـفـر ( شقى أم سعيد ) ،
بينما يكون أعلاها الطافى على السطح ، مزاج مؤقت بحالة شعورية مستحدثة ، يستمر بعدها بفترة ليست طويلة ثم يتلاشى ...