الخميس، 4 فبراير 2016

" عالم التبصّر والبصيرة "


ليس لأن عيناك سليمتان والحمد لله أنك تستطيع الإبصار دائما ؟! ..
فإن لم يتواجد فى محيطك مصدر للإضاءة كالشمس أو المصباح وغيره ، ستظلم الدنيا من حولك ولن تبصر ..
ولأجل ذلك تجلّت رحمته سبحانه فى أن جعل للناس جميعا مؤمنهم وكافرهم مصادر للإضاءة ثابتة ومستمرة لا يختص بملكيتها أحد من خلقه ، كنعمة الهواء لجميع الناس ،
فالشمس والنجوم والقمر نورهم للجميع ، نرى بهم تلقائيا وبدون أى جهد فى عالم الحس والمادة ،

بخلاف عالم التبصّر والبصيرة حيث يختلف هناك الوضع تماما ؟!
فمصدرك الرئيسي للإستضاءة هو أنت ، ولابد أن يتولد النور داخلك أولا حتى يبصر قلبك ،
وأن يكون جهازك للرؤية القلبية سليم ، من حيث وضعية العقل فيه مع الفطرة ومدى جهازيتهما للتوهج ، وأن تكون لديك نفس مشرقة ، وانشراحة فى الصدر ( كمشكاة فيها مصباح ، المصباح في زجاجة ، الزجاجة كأنها كوكب دري ) .. وقد استفضنا فى ذلك كثيرا وشرحناه من قبل ،

وخلافا للرؤية الخارجية بالعين ، فجهازك للرؤية القلبية كما هو وسيلتك للرؤية هو أيضا مصدرك للإستضاءة ،
بينما عيناك فى عالم الحس والمادة لابد لهما من إضاءة آتية من الخارج حتى تبصر ..!!

وان كنا اعتدنا أن نرى الأشياء تلقائيا ودون أدنى جهد فى عالم الحس والمادة ، إلا أن ذلك سيختلف تماما فى عالم التبصّر والبصيرة ، حيث يحتاج كل منا لكثير من الجهد كى يستطيع رؤية حقائق الأشياء ومألاتها ..!!
فجهازك للرؤية القلبية لن يكتمل ويعمل بكفائته القصوى ، إلا بعد أن تعانى إرادتك الحرة الرشيدة معاناه طويلة وهى تعمل على تهذيب نفسك وتقويمها ، مع استعانتها ولابد بهدى الوحى ونور الرسالة ..

( .. يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته ، فاستهدوني أهدكم .. ) حديث قدسى
فهـدايــة القـلـوب نـــور .. ولابد من السعى إليه أولا ، بشحذ العقول واستحضار الفطر وعمل الخيرات ، حتى نستطيع جلبه إلى قلوبنا ،
وما أن يدخل قلبك هدى الوحى ونور الرسالة حتى يستنير العقل والفطرة معا مرة أخرى ويزدادا بهاءً ، وتزيد شدة تبصّرهما ، ويبصرا مزيدا من الحقائق ،

وكلما اكتمل إدراكك وقوة تبصّرك (جهازك للرؤية القلبية ) ازدادت نورا ، وكلما زاد نورك اكتمل إدراكك وقوة تبصّرك وهكذا .. فى عملية بناء متبادل بينهما ..
فمصدر النور ووقوده هو هدى الوحى ونور الرسالة ، بينما العقل والفطرة وسائر مشتملات جهاز الرؤية القلبية هم السراج المتوهج الذى يتولد منه النور فيُبصر القلب ..
( يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم )

وإلى استكمال كلامنا فى وصف هدى الوحى ونور الرسالة كما وصفهم الله عزّ وجل فى آية سورة النور المرة القادمة بإذن الله ..