الاثنين، 1 فبراير 2016

" النور للنفوس بمثابة الحياة "


( أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ) ..
يبين لنا المولى عز وجل أن النور للنفوس بمثابة الحياة للأبدان ، والنفوس المظلمة كالأجساد الميتة التى فقدت الشعور والإحساس بما حولها ،
مع الفارق أن النفوس فى ظلمتها تفقد الشعور والإحساس بالعالم الآخر ، عالم الغيب والحقائق الذى يفوق فى اتساعه عالم الحس والدنيا لأقصى حد ،
فكل ما لدينا من علوم الدنيا مجرد نقطة فى بحر عالم الحقائق والغيبيات ..!!

فلو جئنا مثلا بأغنى أغنياء الأرض ممن ضلّ طريقه إلى الله ، ونرى ما هى حقيقة حياته ،
لوجدناه شخص بائس حبس نفسه بين أربع جدران حجبوا عنه عالم من الغيب متناهى الكبر ، شديد الجمال والإبداع ..!!
وكل ما يلهو به هذا المسكين داخل تلك الغرفة الضيقة ( التى هى الدنيا ) ، يشغله حتما عن أدراك العالم الممتد خارجها الذى يملئ مابين السماوات والأرض ..!!
فليس لنفسه بصيرة ترى ما وراء الجدران ، فهو غيب مغيب عنه ، وهو فى غفلته هذه لم يتطرق طيلة حياته لفتح طاقة أو نافذة يطل بها على الأفاق ( يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ) ..

بينما النفوس المؤمنة الطاهرة تتنافس وتتفاوت فيما بينها فى عدد النوافذ واتساعها التى يشرق منها نور البصيرة التى تتكشّف أمامه عوالم الغيب فى الآفاق ( يهدي الله لنوره من يشاء ) ..
وكما قرأنا دوما أن من عاش فى الظلام لفترات طويلة ، فقد بصره وصار أعمى يتخبط فى طريقه ولو فى عز النهار ،
كذلك إن عاشت النفس فى الظلمات طيلة عمرها ، عميت بصيرتها وحشرت مع جسدها يوم القيامة تتخبط بلا هدى (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ) ،
فليس لديها نور تهتدى به فى عالمها الجديد القادم من غياهب الغيب ،
لتمثل أمامه والظلمة على أشدها فى أرض المحشر يوم الحساب ( ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور ) ..
( قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا .. قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ) ..

نسأل الله العافية .. وسنتكلم بشيئ من التفصيل عن نور البصيرة والمثل الرائع المضروب له فى سورة النور المرة القادمة بإذن الله ..