الطاغوت .. الديكتاتور .. الطاغية .. أيَّما كان وصفه فلا يمثل حالة فريدة من التاريخ ، بل هو التاريخ الحقيقى لأغلب المجتمعات التى ضلّت عن سبيل الله !!!
فلم يكن هناك ثمة فرعون واحد بل فراعين كثير ، جاءوا من قبله ومن بعده .. وإن تبدلت أسمائهم واختلفت ألسنتهم وبلدانهم فهم فراعنة طواغيت !! ..
ولا يزال جدهم الكبير يمثل العلامة الفارقة بكونه الحرامى الأكبر الذى تجرء على سرقة لقب الإله ونسبه لنفسه ، وهو المخلوق من ماءٍ مهين !!
يخطئ من يظن أن الفرعون استولى على الحكم وسلب السلطة من شعبه ، فهذا يجافى تماما الواقع والحقيقة ، فالعلاقة الأثمة بين الطاغوت وشعبه ليست علاقة بين مغتصب وضحية مسكينة ساقها قدرها لهذا المصير البائس ، بل هى علاقة آثمة تندرج تحت مسمى زنا المحارم ؟!! ..
فأما كونها زنا لأنها برضا الطرفين ويلبى رغبات آثمة دفينة وجدت أخيرا من يقتنصها !!
وأما كونها زنا محارم فذلك لكون الطاغوت واحد منهم .. ما هو إلا ابنهم ، ابن الشعب ، ويوجد الكثير والكثير من أمثاله بينهم ، وإن لم تتح لهم الفرصة كما أُتيحت له !! ..
فنريد أن نفهم حقيقا كيف تحول الكثير من البشر من عبادة الله إلى عبادة الطواغيت ؟؟ كما نريد أيضا معرفة من أين أتى للطاغوت التجرء على مقام الله ؟!! ...
الايمان بالقوة والسلطان وليس بالحق أهم أعراض عُبّاد الطواغيت فى كل زمان ..
فانغماس الناس فى الدنيا وفتنتهم بها جعلتهم يؤمنون بالأسباب ويتوكلون عليها ، ويتغافلون عما وراء الأسباب من ربٍ يُدبرُها ويُصرّفُها كيفما شاء ..
فتعلقت القلوب بالمخلوق وغفلت عن الخالق ، وتوكلت على الأسباب ولم تتوكل على المُسبب الذى يُدبرُها ؟!
فطبيعى لمن كان هذا حاله أن يعبد من قال ( أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون ) ونحن نعلم يقينا كيف كانت منزلة النيل عند القدماء الذى هو عندهم بمثابة شريان الحياة ولازال ..
فعبد القدماء من أوهمهم أن الأنهار تتفجر من تحت قصره وعرشه .. كما عبد أسلافهم من قبل الشمس ظنا منهم أنها منبع الحياة والخلق كما هى سببا للنور والدفئ ..!!!
فكل من رضا بالحياة الدنيا واطمئن بها تناسى ربه والآخرة ، وليس المقصود بالرضا والاطمئنان هنا رغد العيش والحياة المرفهة ، بل قد تكون لمن لايكاد يجد قوت يومه ورغما عن ذلك حريص أشد الحرص على الدنيا ومتاعها وإن لم يدركه ، مُتسخط على حظه فيها ، يتملق من يظن بيده الرزق والسلطة !! ...
( إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون .. أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون )
متغافل عن ربه .. لا يعرف له أمرا ولا نهيا .. حريص على دنياه .. لا يشغله أمر أُخراه .. يكثر من قول ( إحييني النهاردة وموتنى بكره ) .. أو قول ( هو الواحد هيعيش العمر كم مرة ) .. لا أخلاق عندهم ولا مبادئ ( ان كان لك عند الكلب حاجة قوله ياسيدى ) !! ..
هؤلاء من أغتر بهم الطواغيت ويُدجلون عليهم بكونهم (أنا ربكم الأعلى ) ..
ودوما يقودوا القطيع إلى المهالك بزعمهم (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) ..
ولكن كيف بيّن الله حقيقتهم ( وأضل فرعون قومه وما هدى ) ..
وكيف كانت عاقبتهم وفيما كان المصير ( فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ) ..
نســـــأل الله الــعــافـــيــــــــــة ......
