الأحد، 16 أغسطس 2015

" العبودية فى الغرب "

لازلنا مع التشريع ولم ننتهى من مسائله بعد ...
سنناقش اليوم قضية هى من الأهمية بمكان بحيث لا يمكنّا فصلها عن مسائل التشريع ، وكيف أن التشريع لله وحده وليس لأحد من البشر ؟!!
سنناقش اليوم ونتكلم عن العبودية المعاصرة وتحديدا فى العالم الغربى ، العالم الحرّ ؟!! التى يجهل أمرها ويخفى عن كثير من الناس ..
فهل توجد فى الغرب عبودية حقا ؟!! والغرب وماأدراك ما الغرب ..حرية ، ديمقراطية ، رفاهية ..!!
فإن كانت هناك عبودية فيفترض أن تكون من نصيب الشرق ، بما عهدناه عندنا من إستبداد وتخلف وفقر !!


للعبودية صور متعددة ملئت الأرض شرقا وغربا ولم تنقطع عنها يوما من الأيام ، وأكثرها تعقيدا وخفاءً هى عبودية الانسان فى الغرب !!
فالألة .. تلك الأداة التى سخّرها الانسان لخدمته ... ذات التروس والأسلاك وهياكل الحديد ،لا وظيفة لها ولا عمل إلا خدمة ورفاهية البشر ..
فلا مشاعر لدى تلك الهياكل ،ولا فكر ،ولا إرادة ، وتفنى عمرها تعمل بلا كللّ ، بمنتهى الدقة والنظام طبقا للمخطط الذى وضع لها.. ومقابل ما يزودها به مالكها من الكهرباء والوقود ... ؟!!
فهكذا تكون الألة .. وتلك وظيفتُها التى نعرفُها جيدا .. فما الجديد ؟!

الجديد حينما يفقد الانسان ما يحمله من مشاعر وفكر وإرادة ويعمل كألة فى خدمة غيره .. ؟!
فلا تُكلمُنى حين ذلك عن أسلاك وهياكل حديد ، ولكن كلمنى عن طبقة السادة وخدمهم من العبيد ...
كيف تغير سلوك الانسان الغربى ليصبح مجرد ترس فى ألة الرأسمالية لخدمة أصحاب النفوذ والثروة ؟!!!
وكيف تم إخضاعهم وجعلهم مجرد ألات منزوعة المشاعر والعواطف ،بلا فكر ،ولا إرادة ، تحركهم الغرائز والشهوات !! ..

• منذ الثورة الصناعية الكبرى فى أوربا ونزول المرأة للعمل جنبا إلى جنب مع الرجال ، تراجع مفهوم الأسرة عند الغرب كثيرا وتلاشى مع مرور الزمن ،
ورغم أهمية الأسرة القصوى فى كونها لبنة البناء الأولى لأى مجتمع متكافل متماسك ، والموطن الأساسى لمشاعر الدفئ والحنان ،
فقد انتشرت الإباحية على نطاق واسع والعلاقات الأثمة خارج أطر الزواج ، وقنَّن الشذوذ ، ورُسّخت فى الوجدان مبادئ المساواة المجحفة التى أطاحت بقوامة الرجل ، وشجعت الأبناء على التمرد على الأباء ( بتليفون واحد يُوديّ الإبن بأبيه السجن ) لاحظ طبعا غياب أسماء أصبحت من التراث عندهم كالعمة والخال والجد !!!!

كل هذا أفقد المجتمع شحمته وتلاحمه ،واستبدل علاقات التكافل والأخوة ،بتكريس لمعانى أخرى من العزوبية والأنانية ، والبعد عن تحمل المسئولية ، وصراع الأنداد !!
مما جعلهم فى النهاية لقمة سائغة لإصحاب النفوذ والثروة بعد أن تفتت المجتمع وتشرذم إلى أفراد متفرقة كل ٌ يبحث عن ذاته !!

• فهم كالألات بلا وجدان ولا فكر نتيجة تسطيح العقول وتغيبها ، حيث أصبحت اللذة واشباع الغرائز هى الدافع والمحرك الوحيد ،ومحور حياتهم اليومية !!
فلا تتعجب حين تعلم عن عدم معرفة عوام الشعب الأمريكى بكثير من أسماء البلاد حولهم ؟! فأكثر ما يعلموه هو أسماء المنتجات التى تملئ بطونهم ، وزد على ذلك إدمانهم للمسكرات بأنواعها ،وألعاب الفيديو جيم ،والمواقع الاباحية ،وكل ما يحمله إنغمازهم فى اللهو واللعب من ضرر محقق بالعقل وتسطيحه !!!

• كما إنهم أيضا كالألات بلا إرادة حين سُلبت منهم غصبا بادخالهم فى منظومة عمل لا يمكنهم الفكاك منها ، فهم لا يستطيعون الاستقلال بأى أعمال صغيرة لهيمنة الشركات العملاقة على الأسواق تسحق معها أى مشروعات صغيرة !! ..
ومن ناحية آخرى ومع تكثيف الجرعات الاعلانية ،حثهم وتشجيعهم على الاستهلاك ليكونوا فى النهاية مجرد قنوات لتصريف المنتجات الاستهلاكية ...

فجمعوا بذلك بين كونهم أدوات إنتاج لخدمة أصحاب النفوذ والأعمال ،وفى الوقت ذاته أصبحوا قنوات لتصريف منتجاتهم مدفوعين بالثقافة الاستهلاكية ،
وفى الحالتين يقفوا عاجزين أمام تغول وجشع أرباب النفوذ والأعمال ؟!!

ويضاف إلى ذلك تسلط أرباب البنوك أيضا على حياتهم وأراهقهم بفوائد القروض الربوية ،
فهل يتصور أحد ان الانسان هناك فى الغرب لا يملك إلا حق الانتفاع ،فهو فى الحقيقة لا يمتلك شيئا !!والبنوك هى التى تمتلك كل شيئ ،بداية من البيت إلى السيارة إلى فرش المنزل .. ألخ ، وتغرقهم فى الديون والأقساط الربوية !!!
ان عجز عن السداد سُلب منه كل شيئ ، وما أزمة الرهن العقارى 2008 وما تبعها من أزمة عالمية كبرى عنا ببعيد ،
فماذا بعد ذلك من معانى العبودية ؟ !!!

• فما كان تحول الإنسان عندهم للعبودية خدمة لأرباب الرأسمالية ، إلا عبر سلسلة طويلة من القوانين والتشريعات أدت فى النهاية لتكبيلهم والانتقاص من حقوقهم حتى صاروا عبيدا فى خدمة أسيادهم أرباب النفوذ والسلطة ..
فالعدل كل العدل والناس سواسيه أمام شرع الله وحكمه ،
والظلم والظلمات وأهدار الحقوق واستعباد الفقراء فى شرائع وضعها الأثرياء والأقوياء ،والكل يقنّن مافيه مصلحته !!!..

وإلى مسألة أخرى من مسائل التشريع قريبا بإذن الله .. نسأل الله أن يفتح علينا من أبواب علمه وحكمته ..