جميل إن تبدي أوربا ما بقي فيها من روح إنسانية تجاه الفارين من الإبادة في سوريا و العراق و مصر ..
جميل جداا أن يتنافس رياضيوها و إعلاميوها و السياسيين فيها على التقاط صور مع من تخطوا الصعاب و وصلوا إلى نهاية الطريق ..
و جميل جداا أن تسارع الحكومات فيها إلى إصدار التعليمات بضرورة تعجيل عملية احتوائهم اجتماعيا و توظيفهم .
جميل و جميل ..و لكن .
أيها السادة قبل قرن و نصف من الزمن زحفت أوربا بجيوشها نحو أوطاننا و احتلتها بذريعة طرد المحتل التركي ونشر التحضر هنا أو للمساعدة في تسديد القروض و إقامة إمبراطورية عربية كبرى هناك ..!!
و في كل مرة كنا ننخدع لها رغم فواصل الزمن .
و اليوم هل نسيت أوربا تاريخها أو هل غيرت سلوكها ..؟؟
الحقد الذي حركها و المصالح التي لهثت وراءها بالامس هي نفسها اليوم , بل هي أكثر و أشد .
إذا فالذي تغير هو التكتيك و وسائل التحقيق فقط ..!!
ان ما تبديه من تعاطف و ما تذرفه من دموع على جثث الغرقى و الهلكى مجرد زيادة في جودة المشهد و حبكُ أكبر للدور ..
فالاحصائيات كلها تثبت أنها في أشد الحاجة للسواعد الشباب بعد أن تيقنوا من أن القارة شاخت و عاجزة عن التشبب مرة ثانية ..
=============
لكنهم يريدون شبابا بمواصفات معينة و دقيقة و لا يمكنهم التحقق من تملك اللاجئين لها إلا من خلال تعريضهم لما يمكن أن نصفه بالاصطفاء_الطبيعي ..
المهاجر إلى أوربا لم و لن يصل إلى مقصده بسهولة كما نشاهد و نتابع يوميا ..
فلابد من أن يتوفر على إرادة صلبة نحو تحقيق الهدف رغم مخاطر الطريق الأكيدة و التي ليس أقلها الموت غرقا في البحر أو حشرا في الزوارق و الشاحنات ..
المهاجر لاوربا لابد له من تضحية مادية و عاطفية يتجاوز بها مغادرة حضن العائلة و دفئ الوطن ..
لا بد له من قوة جسمية يتحمل بها طول الطريق و جوعه و عطشه ..
لا بد له من قدرة كبيرة على التكيف مع الصعاب سواء حرس_حدود الدول أو أسلاكها أو تلاعب المهربين به .
و اذا وصل إلى هناك وجب عليه أن يتنازل عن كل شيء ليحصل على أي_شيء مقابل الأمن و الاستقرار ..
=================
المهاجر حتى يكمل الرحلة لأخرها لابد له من هذا و أكثر و لن تتعب ألمانيا أو غيرها في رد من لم تتوفر فيه المواصفات المطلوبة لأنه ببساطة سيكون قد عجز عن إكمال طريق_الاختبار و انتهى كمجرد رقم بين القتلى أو الغرقى .
معنى هذا ان الذي يكمل الطريق ..و يتجاوز هذا الاختبار المستحيل ..!! لن يكون بشرا عادياا بل هو أقرب إلى الإنسان الالي ..و هذا هو من تريده ألمانيا و فرنسا و غيرها ..
هكذا تخمن أوربا و يكذب علينا من يقول غير ذلك لكنها و في إطار استمرار عملية خداعنا كما فعلت بأجدادنا من قبل تُظهرُ لنا إعلاميا تعاطفها الإنساني مع الواصلين لتعطي بعض التشجيع لأفواج الراغبين و سالكي الطريق ..
==================
طبعا لست في حاجة لأنبهك أنها تستطيع بإمكانياتها وقف المأساة أصلا في هذه الدول ووقفها لكنها لن تفعل ..!!
تستطيع إرسال سفنها لنقل اللاجئين من أقرب نقطة لسواحل سوريا لكنها لن تفعل ..!!
تستطيع تسهيل عقبات الطريق من بدايتها إلى نهايتها لكنها لن تفعل ..!!
ليستمر سيل التدفق عليها بأعداد تستطيع استيعابها و يستمر معهاا عمل آلية الاصطفاء و الاختبار_الطبيعي ..
فصانع قرار القارة العجوز يرى بأنه :
ليس كل راغب في الهجرة يستحق أوربا ..
و الواقع يقول بأنه : ليس كل مهاجر يقدر على إكمال الطريق إلى برلين ..
