الثلاثاء، 4 أغسطس 2015

"لـمـاذا لا نـرى ربـنــا ؟!!"

لـمـاذا لا نــرى ربــنــا ؟!! لماذا حجب عنا عزّ وجلّ رؤيته فى الدنيا ؟!!! لما عُدَّ متعديا مستحقا لأشد العذاب كل من قام بنحت تمثال له أو صورة !!! ..
الإله المُعاين المدرك بالحواس الجسدية مفضل عند أغلب الناس عن إله لاتدركه الأبصار..!!

انظر الى البشر فى كل مكان وتوجه ببصرك يمينا ويسارا ،
انظر للهند وبورما وما بعدهما ، كم نصبوا من آلهة وملئوا بها الطرقات، وزينوا بها الجدران ،وقدسوا الحجر والبقر !!! ..
ثم انظر يسارا لأكثر البلدان حضارة وتقدما وكيف ذهبوا فى هوسهم برؤية إلههم بعيدا ، أن جسدوه فى صورة انسان ، وجعلوا من ألة الصلب والتعذيب شيئا مقدسا !!!!
ثم انظر جنوبا وشمالا .. بل تعال وانظر هنا كيف لايزال بيننا من يقدس الأموات ، ويطوف حول المقامات ، ويشدّ الرحال للعتبات المقدسة !!!!!!

( قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ) فتنة من لم يُقْدِّر الله حق قدره ؟! فالتوحيد عند هؤلاء القوم أن يكون إلههم أمامهم نصب أعينهم ، يتمسحون به ، ويطوفون حوله !!! بخلاف المشركين الجهلة الذين تعددت الآلهة عندهم ؟!! أى المشكلة فقط تكمن فى التعدد !! والتوحيد عند قوم موسى هو توحيد الأوثان فى صنم واحد ؟!! ....( اخناتون ستايل )
لذا سيظل السؤال قائما مادامت الدنيا ، وسيهلك فيه اللاحق كما هلك فيه من سبق !! لما لا نرى ربنــــــــا ؟؟؟ ....
----

• الاجابة فى التوحيد ... وبالتوحيد نبدأ ؛
ولما كان التوحيد هو مفتاح النفوس فى التعرف على خالقها ، عمد رب العزة على ترسيخ معنى ( ليس كمثله شيء) فى القلوب ،
فكل شيئ فى الدنيا يُرى وهو ( ليس كمثله شيء) فلا يُرى .. تأصيلا لنفراده بالتوحيد ،وتجذيرا له فى النفوس، واطلاقا للبصيرة من عقالها ...
فبالبصيرة أبصرت القلوب ما لم تبصره الأبصار من رؤية ربها ،
بعدما رأت العيون أثار خلقه ، وتذوقت الأنفس بدائع صنعه ، وفقهت القلوب عظيم حكمته ..
----

• ثانيا العبودية .. العبودية لله وحده
لما كان الانسان عبدا بخلقته التى خُلق عليها ، فإن لم يعبد ربه عشق وعبد الصور وما أكثرها ، من أموال وأطيان وأشخاص وجمال .. إلخ
فتنزّه ربك عن التجسيد والتصوير لإفراده بالعبادة عن سائر الصور فهو ( ليس كمثله شيء) سبحانه ..
----

• ثالثا .. ( كل من عليها فان .. ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )
لما كان نعيم الدنيا ناقص وإلى زوال كونه وظيفيا لمجرد الاختبار و الابتلاء ،
والنعيم الحق فى الجنة ، وأعلى درجات النعيم فيها لذة النظر لوجه الكريم ،
كان فى تأخير تنعّم عباده بالرؤية لــدارالبـقــــاء ، تـنـزّها منه سبحانه أن يتنعّموا بها فى دار الفنـــــاء ، بما وسمت به من نعيم ناقص إلى زوال ...
----

• رابعا .. الشوق إلى الله
كون احتجابه أشد مَدْعاة لاشتياق المحبين ، والسعى الحثيث للمسافرين ، والتزود بالصالحات للاستعانة بها على الطريق ، والتخفف من أعباء الدنيا وأثقالها لسرعة المسير .. (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )
----

• خامسا .. تزكية النفوس
حجب عنا سبحانه رؤيته للفت انتباه القلوب وتعلقها بصفاته ، التى فيها زكاة النفوس والارتقاء بها ( ولله المثل الأعلى ) فالمحبوب للمحب له مثلا وقدوة ...
وحين تزكى النفوس فى الدنيا وترتقى ، تنعم برؤية من كان له كمال الصفات وجمالها ..
ســـــبـــحــانـــــه ....
( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)
فهو النور الذى استضاءت به قلوب عباده ،
الحاضر بيننا بأفعاله المحجوب رؤيتنا لذاته ،
الجمال كله فى رؤية القلوب لصفاته ، والكمال كله فى بديع صنعه وعظيم مخلوقاته ،
ســـــبـــحــانـــــه ....
هو القيوم الذى لا يغيب أبدا عن خلقه ، لا يفتر عن رزقهم ولا يملّون عن سؤاله .. فهم الفقراء له دوما و هو الغنىّ بذاته ....
ســـــبـــحــانـــــه ....

----
هذا غيض من فيض وجهد المقلّ فالمعانى والحكم فى احتجاب المولى كثيرة .. أسال الله أن أكون وفقت وجانبنى الشطط والزلل ، ورزقنا الله وإياكم لذة النظر لوجه الكريم ...