الخميس، 13 أغسطس 2015

" الله لا يحـابـى أحــدا !! "

عودة لحديث السنن مرة أخرى :-
( لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر ، وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضبّ لسلكتموه ، قلنا : يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟ ) صدق رسول الله صلّ الله عليه وسلم ...
كيف أُستدرجنا للسقوط فى قاع جبّ عميق ، سقطت فيه الأمم السابقة منذ زمن !!
من أرض الخلافة أرض العلم والعلماء ،لأرض التبعية والمهانة منبت الجهل والسفهاء .. !!
تبدل رهيب تجلّى وصفه فى تلك الأية :-
( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار )
من القمة إلى القاع مأساة بطول عمر الأمة ،
من ظهور الدين و حمْل الأمانة ،إلى الخيانة والتنكر للنعمة وسلوك سكة الندامة !!
أربع مراحل رئيسية مرت بها الأمة حتى وصلنا لما نحن فيه الآن ، نُلخصها فيما يلى :-

---
بداية التساقط :- استمراء المعاصى والاعتياد عليها : -
-----------------------
• ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ) البداية دائما التكاسل عن العبادات والركون إلى الدنيا وشهواتها ...
• (وترى كثيراً منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت ) الخطاب عن أهل الكتاب وكل من غرّته الدنيا مثلهم من المسارعة والتنافس على أكل الحرام والرُشا ..
• ( كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ) وعندما انعدم الضمير وغاب عنهم المصلحون ،ابتلوا بإستمراء المعاصى واستحسانها بل واستحلال البعض لها أيضا !!
فكانوا (سماعون للكذب أكالون للسحت ) بصيغة المبالغة دلالة على مداومة الفعل منهم واستحسانه حتى اتصفوا بتلك الصفات الذميمة
(ويسعون في الأرض فسادا) .. حتى غضب الله عليهم وعاقبهم بالمذلة والصغار .. (ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا)
الذل والصغار ، والافساد ،وركوب الكبائر ،كلها صفات لا يمكن بحال أن يتصف بها أصحاب الرسالات ومن كلّف بحمل الأمانة !!

---
السقوط الثانى :- كتمان الحق والتلاعب بالدين عن طريق تحريف معانيه
-----------------------
وهذا أقبح ما توسم به الأمم سعيا منها لشرعنة الفساد وتقنينه ،وتسويغا للإنحراف !!
فهل خَدعوا الله بذلك ؟!! أم هى محاولات لتطيب النفوس بجرعات من الرضا الزائف !!
وترى دوما من يقف وراء هذا الجرم الفاضح ، ولاة الأمور الفسدة وعلماء السلاطين الذين يفترض فيهم الأمانة وحفظ الدين (ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ) ..
( إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار )
وكانت أداتهم فى هذا ( ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ) كتمان الحق وخلط الحق بالباطل
(يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ) تدليسا وغشا فيظن السفهاء والجهّال أن كل شيئ مباح وحلال .. حلال .. حلال !!

---
السقوط الثالث :- التفرق والاختلاف إلى حد الإقتتال
-----------------------
• ( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون ) .. محذرا إياهم من مصير الأمم السابقة ..
( فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة ) ..فما عُقبوا بمثل ذلك إلا لضياع الحق بينهم بتلاعبهم بالدين وطمس معالم الشريعة
• وابتلاهم بأن سلط عليهم أنفسهم (بأسهم بينهم شديد ) حتى تقاتلوا فيما بينهم
( ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان )
• وذهبو ليقتلوا كل من أمر بالقسط بينهم وكان من المصلحين (ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس )
• وظاهروا الكافرين على المؤمنين (ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا) ...
( ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا )

---
الوصول للقاع والسقوط المدوى :- نبذ شرع الله بالكلية واتباع الطواغيت
-----------------------
( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أُنزل إليك وما أُنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا )
نبذ شرع الله بالكلية امتداد طبيعى لطول تلاعبهم بالدين وتحريف معانيه ..
( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا )
واتبعوا زبالات أفكار البشر من شرائع مهترئة ما أنزل الله بها من سلطان تتماشى مع أهوائهم و فساد قلوبهم
( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون )

---
وهكذا استدرجت الأمة ابتداءً من المعاصى واستمرائها ،وصولا للقاع بنبذ شرع ربهم والتحاكم للقوانين الوضعية ..!! لتجرى عليهم سنن ربهم كما جرت على من قبلهم من الأمم
وإن لم تصبنا سنة الاستبدال والتغيير كما أصابتهم لكون أمتنا هى الأمة الخاتمة ، فقد بعث الله برحمته على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها
( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ) .. حديث شريف
نسأل الله أن نكون قد وفقنا وإلى تفصيل أكثر فى مسألة التشريع قريبا بإذن الله ...