من يظن الارادة الشعبية هى الشرعية يُخطئ مرتين ، مرة بالواقع وأخرى فى فهمه للدين ؟!!أما الواقع فواقعنا خير شاهد على فساد تلك النظرة القاصرة لحقيقة السلطة وطرق تحصيلها ..
ولو نظرنا بعيدا هناك سنجد من يقفون وراء تلك الخدعة فى الغرب هم رجال النفوذ والأموال !!!
كيف يُسيطرون ويحكمون وفى الوقت ذاته يخادعون الشعوب ويصورون للمواطن البسيط عندهم بأنه هو من يملك قراره وأنه مصدر السلطات !!!
لقطتين يحضروننى أثناء الغزو الأمريكى للعراق 2003 وفيهما الخلاصة بإذن الله ؛ الأولى حين خرجت المليونيات فى كل بلاد العالم ( الحر ) حينذاك لتمنع نشوب تلك الحرب .. والثانية حين تدنت نسبة تأييد الرئيس بوش واستمرت فى الهبوط حتى وصلت الحضيض بسبب الرفض الشعبى المتصاعد للحرب .. !!
ثم ماذا .. بدأت الحرب واستمرت رغم ذلك، واستمر بوش حتى نهاية فترة ولايته ،واستمر جهل الناس واعتقادهم أنهم حقا هم من يحكمون ؟!!!!! ....
خطأ وفشل كبير فى فهم الواقع لمن لا يزال يعتقد أن الشرعية هى الارادة الشعبية ، كما يقع أيضا فى خطأ أكبر لعدم فهمه لمسألة الحاكمية وموقعها من الدين ..
ففى تصوره الناقص مادام الشعب مسلما فلابد أن تنحاز ارادته للشرع والدين ؟!! .. فيرد الواقع بلسان فصيح بأحداث 30 يونيو وما بعدها !!
ليكون الدرس قاسيا ومخضبا بالدماء أن الشعب المتدين بطبعه لا يريد من يحكمه بإسم الدين ..!!!
للألفاظ دلالات ومعانى محددة ، لا يمكنا بأى حال أن نُحملها ماليس فيها بل وما يضادها وينقضها ...!!
فعندما يقول الملك عزّ جل (إن الْحُكْمُ إِلا لله) ونقول نحن ( إن الْحُكْمُ إلا للشعب ) فهناك خلل عظيم لابد من ايضاحه ؟!! ..
وحين نقول ( إن الشعب مصدر السلطة ) وكل من عرف حقيقة التوحيد يؤمن أن ( شرع الله مصدر كل سلطة ) فلابد لنا أن نتوقف ونسأل كل من لايزالوا يروجون لتلك العبارات إلى أين أنتم بنا ذاهبون ؟!!!!
فهناك بون شاسع فى تعريفنا للشرعية هل هى لله أم للشعب ؟! .. فأن كانت للشعب فلا نلوم من انتفض أخيرا وانقلب على التيار الاسلامى واستولى على الحكم باسم الشعب !!!
أم أن الشرعية كونها لشرع الله وهذا ما نؤمن وندين به ، فكلا من الفريقين على خطأ حين تبنوا شعار ( إن الْحُكْمُ إلا للشعب )..
كم بإسم الشعب يُقتل أبناء الشعب ، وكم بإسم الشعب يحارب الدين ، وكيف بإسم الشعب تُبنى وتُشيد صروح الطغاة والمفسدين ..
نسأل الله أن يعيد الأمة إلى صوابها وثوابتها وأن يحقن دماء المسلمين ...