الاثنين، 17 أغسطس 2015

" مـعـرفــــــــة الله .. "


الجماد كائن يشغل حيزاً ، له طول وعرض ، وارتفاع ووزن ..
نعلم ما الحجم ؟ ..
هناك نقطة ، النقطة ليس لها حجم ، فإذا تحركت شكلت خطًا ، فإذا تحرك الخط شكَّل سطحاً ، فإذا تحرك السطح شكل حجماً..

نقطة ، خط ، سطح ، حجم......
 

الجماد يشكل حجماً ، يعني له طول ، وعرض ، وارتفاع ، ووزن ،
أما النبات ،فيشكل حجماً ، وينمو ،
أما الحيوان فيشغل حيزاً، وينمو ويتحرك
أما الإنسان فيشغل حيزاً ، وينمو ويتحرك ، ويفكر ،
ففي اللحظة التي يعطل فيها الإنسان فكره ، وعقله ،يكون قد انتهت إنسانيته ، وعاد إلى طور البهيمية ..


يعني من كانت حياته طعاماً وشراباً، ومتعاً مباحة ًوغير مباحةٍ ، وعملاً ومالاً ، دون أن يفكر في الذي خلقه ، في الذي أوجده أين كان ، أين سيكون ، ما المصير ؟ فما قيمة الإنسان الذي يعطل فكره أو يستخدمه في غير ما خلق له ؟

يعني : من الممكن أن تشتري حاسوباً بعشرات الملايين ، وتضع على هذا الحاسوب حاجاتك ، ثم تجعله كالطاولة ، أليس هذا غباءً شديداً ؟ !.. أن تستخدم جهازاً بالغ التعقيد ،يقدم لك خبرات كثيرة لو أعملته ، تستخدمه كطاولة ؟!!!!!.....
 

فأما الذي يعطل عقله ، أو يستخدمه في غير ما خلق له ، فهذا الإنسان ألغى إنسانيته، وتحركت فيه حيوانيته ..العقل وسيلة معرفة الله عز وجل .العقل .العقل هو وسيلة المعرفة .
يجب أن نعرف الله ..نعم نعرف الله لأن معرفة الله هي أعظم معرفة ...يجب أن تعرفه لأن المصير إليه ، لأنك راجع إليه ، لأنك ستأتيه فرداً تتخلى عن كل شيء، كل المكتسبات التي حصلتها في العمر ، تفقدها في ثانية واحدة ، ليس لك إلا الله !.

المدرس الناجح هو الذي يستطيع أن يتكلم حديثاً ، بأسلوب سلس جذاب ممتع ، غني ، لفترة طويلة من دون تحضير يعني معلومات عقلها, تمثَّلها,تفاعل معها ، عاشها ، أصبحت في قلبه, أصبحت تجري مع دمه ، 
فإذا أراد أن يتكلم ،فاللسان طليق والموضوع جذاب ، إذاً ألا ينبغي إن سئلت ماذا تعرف عن الله؟ عن الذي خلقك عن الذي أنعم عليك بنعمة الإيجاد ؟
الذي أنعم عليك بنعمة الإمداد ، أعطاك الهواء ، أعطاك الماء أعطاك الغذاء ،أعطاك الأهل ، أعطاك الأولاد ، أعطاك العقل ، تجني به المال وأنعم عليك مرةً ثالثةً بنعمة الإرشاد ، هداك إليه ، لو أنك سئلت ماذا تعرف عن الله ؟ .. ألا ينبغي أن يكون الحديث عن الله سلساً جذَّاباً ممتعاً طليًا ؟ هنا السؤال ....

تكفي هذه المقدمة للدخول إلى عالم معرفة الله إن شاء الله والتمتع بالحديث إنه وذكره والتعرف على قدرته وعجيب صنعه وإبداعه وكرمه وحلمه ورحمته وجبروته وقوته و........................
-------
مقدمة لاسم الله القدوس .
للدكتور محمد راتب النابلسي
بتاريخ: 1991-01-07