الثلاثاء، 8 سبتمبر 2015

" خـيـر الدنيــا والآخـــرة "


( من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والأخرة )
" الشريعة المُنزّهة لم تأتى لصلاح آخرانا فقط بل جاءت لإصلاح دنيانا ومعايشنا فيها أيضا " ،
كلمات بالتأكيد نرددها كثيرا ، فهل تَمَعّنّا فيها وفَهِمنا معناها جيدا ؟!!! ..
لنتناقش ولكن بلغة جديدة نوعا ما .. لغة يفهمها الجميع بغض النظر عن انتماءاتهم وأفكارهم .. !!

ولنبدأ حديثنا عن الانسان.. الانسان أياً كان موقعه .. فهل نختلف أن له حقوقا وعليه واجبات ،
كون الانسان اجتماعيا ولا يستطيع العيش بمفرده ، جعل له على مجتمعه حقوقا ، وعليه تجاهه مسئوليات يجب أن يؤديها حتى تمضى الحياة ..
فسُنة الله فى المجتمعات البشرية قائمة على التسخيير والتكامل ، بمعنى أن كلاً منّا مسخّر لخدمة الآخريين ويكملهم ، وأى خلل بين ما يؤديه الفرد وما يحَصُل عليه _ وفى حال انتشاره وتعدده _ هو خلل فى منظومة المجتمع ككل ويؤثر سلبا على باقى أفراده فى النهاية ؟!!


فمن الظلم مثلا أن أعمل قليلا لأستمتع كثيرا ، فى حين أن هناك من يواصلون الليل بالنهار فى مجتمعى الذى أنتمى إليه ، ولا يجنون إلا الشقاء ؟!! .. دع عنك العاطلين ، والمتسولين ، والفقراء وما أكثرهم فهم أغلب أهل الأرض الآن ؟!!
 

نحن نريد مجتمعا يقوم على التوزيع العادل لموارده كلٌ على قدر كفاءته ومجهوده ، دون إهمال الواجب المجتمعى فى كفالة المرضى واليتامى والضعفاء ..
كيف ذلك والانسان عدو نفسه وعدو الانسان ؟!!

الزوجة ..الوظيفة ..الأولاد كل منا يريد ذلك ، وظيفة شريفة يحَصُل منها على راتب مجزى ، يساعده على تكوين أسرة صغيرة تقاسمه أعباء الحياة ، فى مجتمع منظم ونظيف ..
تلك أبجديات الحياة .. فأين تحقق ذلك ؟!! .. لا تقل لى فى الغرب فالغرب تتلاشى فيه مفهوم الأسرة بمعناها السليم .. وأنتم أعلم منى بالتفاصيل !!
إذا تلك المعانى لا تحقق على الأرض الآن ، ليس لفقر مواردها فالأرض تزخر بالموارد وغنية بالثروات ...!!
إذا أين المشكلة ؟؟ المشكلة تكمن فينا نحن ، والكل يعلم ذلك ، أن الانسان عدو الانسان !!


فى أى قانون وضعى أو شريعة أرضية تمنع إسراف بعض أفراده حتى لا يتضرر بقية أفراد المجتمع ويعانون الفقر والحرمان ؟!!
نحن لا نتكلم عن المرتشين والسارقين والفاسدين فهناك بعض المجتمعات الغربية قد تكاد تخلو منهم !! .. ولكن نتكلم عن أفراد طبيعيين تمادوا فى إسرافهم حتى عانى الآخرون من التهميش والفقر والحرمان ؟!!


فلو افترضنا جدلا إن هناك خط مياه يمر على الجميع ، وله بداية ونهاية ، فهل يعقل إذا أسرف من يجلسون على بدايته فى استخدامه ، أنه لن يؤثر ذلك فى انقطاع الماء على الجالسين فى آخره .. مثال بسيط للتوضيح ؟! ..
مدن كاملة ومساكن تشطيب لوكس تركها ملاكها خالية ، وهناك من يفترش العراء أو ينام على قارعة الطريق ؟!!
أطنان من الطعام تزيد عن الحاجة تُرِكت لتفسد ويلقى بها فى المزابل يوميا ، وهناك من يتسول من أجل رغيف الخبز ؟!!
 

وغير ذلك الكثير والكثير ، ثم نأتى على الجانب الأخلاقى ونرصد مدى الانحراف فيه حين تركنا النار بجانب البنزين ؟!!
كيف تتضللنا الذئاب البشرية وأبواقها ليل نهار وتدعوا الناس إلى التحرر والانحلال .. موهمة إياهم بأن الانسان العصرى ( المتحضر ) هو الذى لا تثار غرائزه إلا فى غرف النوم ؟! فلا داعى للانزعاج من العرىّ والاختلاط والسفور ، فكلها علمات تدل على الرقى والتحضر ؟!!
ثم نفاجاء جميعا بأن بلاد الغرب كلها ماهى إلا غرف للنوم ؟!!! ..


ففى أى قانون أو شريعة أرضية تمنع وضع البنزين بجوار النار ، وتحترز أشد الاحتراز لاندلاع الحرائق قبل وقوعها ؟!! كم من البيوت العامرة تحطمت بعد أن هاجمتها الذئاب البشرية التى ترتع آمنة وسط الآدميين ؟!!
فهل هناك قانون وضعى أو شريعة أرضية تمنع الذئاب البشرية أن ترتع آمنة وسط الآدميين ؟!!


• ما القوانين والشرائع الأرضية الآن إلا كقوانين المرور عند السيارات التى ما شُرّعت إلا لتلافى الحوادث على الطريق وتنظيم حركة المرور ، بغض النظر على من يقود تلك السيارات أن كانوا صالحين أم فاسدين .. المهم أن الحياة تمضى !!

أما القوانين التى تضبط حركة الحياة فى المجتمع المسلم التى نفتقدها جميعا ، تلك القوانين المنبثقة عن الشريعة الغرّاء المُنزّهة عن كل نقص ، تهتم أول ما تهتم ببناء الانسان أولا وتحميه من نفسه قبل ان تحميه من تغول الآخريين عليه ؟!! .. فتغول الهوى على النفس أشد وأنكى من تغول الآخريين عليك !!
والمجتمع المسلم يقوم على انضباط أفراده قبل أن يهتم بتشريع القوانين التى تضبط حركته ، نعم هو يسير فى الاتجاهيين معا ، لكنه مقارنةً بالمناهج الأرضية تنسحب فيه رقابة المجتمع كثيرا أمام الرقابة الذاتية ، التى قد تكون شبه منعدمة فى نُظرائها من كثير من دول العالم .. !!

ونضرب مثالا على ذلك بما حدث فى ثورة يناير وما أعقبها من فوضى ، فكيف لبقية قليلة من الدين عند أفراد المجتمع ، حمت المجتمع فى غياب السلطة الحاكمة من طوفان من الدماء والنهب والاغتصاب !!
فكلنا رأينا كيف نظم أهل كل منطقة أنفسهم وأقاموا اللجان الشعبية ، وان كان يدل ذلك على شيئ فإنما يدل على أثر الدين فى النفوس حتى ولو كان تديّنا ضعيفا !!


وفى المقابل الحادثة الشهيرة التى حدثت فى نيويورك فى التسعينات والتى خُلدت أحداثها فى فيلم أمريكى ، حين انقطعت الكهرباء لبعض الوقت لتعُم على أثرها الفوضى والسرقة والاغتصاب والنهب ..!!
حين تغيب رقابة المجتمع والقانون ينقلب الناس للجنون والإجرام فى عدم وجود الدين ، ويكفيك أن تذهب للندن قلعة الحرية والديمقراطية فى الغرب ، لترى كيف أن آلاف مؤلفة من كاميرات المراقبة تغطى كل شبر من أرضها .. ؟؟!!


حفظ الله علينا نعمة الاسلام ، ورزقنا نعمة التنعّم بشرعه قبل أن نلقاه .. آمــيــن

http://pnyadm-hkm.blogspot.com.eg/