الخميس، 30 أكتوبر 2014

" كـــــلــمـــة حـــــــــق "


التصحر ليس مجرد كلمة تقال ، بل هو واقع نعايشه و نعاني منه أشد المعاناه ، ويزداد توغله علينا بمرور الأيام ؟! تصحرالنفوس .. تصحرالضمير .. تصحر القيم والقلوب والأفكار ؟! .. حتى بتنا نعيش مجتمعا مهلهلا مبتذلا يرضخ بكامله تحت وطأة الظلم والجهل والاستبداد ؟! ...

كلمات الحق قليلة .. والصدق شح فى النفوس .. الحقيقة خيال ورومانسية .. والفساد أزكم الأنوف ؟!!
فهل تكفى كلمات قليلة صادقة - عند سماعها - فى صد جحافل الهزل والغوغائية والابتذال ؟! .. وقد دمرت عقولا ، واستباحت قلوبا ، وأسرت معها الفكر والمنطق والوجدان.. أفيقوا يرحمكم الله ؟!!!

كلمة الحق .. الكلمة الصالحة فى ذاتها المصلحة لغيرها .. الكلمة الطيبة ، كماء نزل من السماء فاستقبلته أودية الأرض باختلاف أنواعها كلا بحسب طبيعتها : -

1- فهناك الأرض الطيبة المثمرة التى أصل تربتها من عباد (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) لا ينقطع عنها ماءً ولا شمساً ولا هواءً ، ويأتيها مائها فيضا من كل مكان (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) ما من ماء يقع عليها إلا اهتزت له وَرَبَتْ وأخرجت من خير بركاتها ، وجادت بأطيب الثمار .. وكذلك يكون العبد الصالح .

2- وفى المقابل أرض ملساء جرداء قاسية لاتنبت زرعا ولا تمسك ماء ، فطبيعتها المتحجرة بلا مسام ولا مسالك تمكنها أن تمسك قليل الماءً وتحتويه ، فضلا على أن تنفع به أو تنتفع (فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء مما كسبوا ) .. فهى تربة صلدة كحجر الصفوان ترد الحق بالكُلِّيَّة وتأباه .. كذلك أهل الكبر والافساد .

3- وقسم أخير بين ذلك ، وذاك .. وقد عم بهم البلاء ، وهم أكثر أهل الأرض فى كل زمان وخاصا تلك الأيام ..
هم أهل الدنيا الحيارى المعذبين ، ذو القلوب الحزينة الغافلين ، وقد قهرهم الهوى ، وأذلهم الطمع ، وصفدوا بأغلال الشهوة وحب الدنيا والجاه .. أحاطت قلوبهم ظلمات من فوقها ظلمات ؟! ظلمة الجهل والتيه ، وظلمة الشهوات ، ومن فوقهم جميعا ظلمة المجتمع الغارق فى الانحلال والفساد (وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون ) .. سورة آل عمران

هؤلاء قد يستدركهم الله برحمته ، ويتودد اليهم بسعة عفوه وحكمته ، ويسوق اليهم الحق من هنا أو هناك .. فى أية يقرأها ، أو نصيحة يسمعها ، أو كلمات على صفحات النت يطالعها ، أو حتى فى موقف يهزه ؟! ..
( قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) .. سورة الزمر
وقد ينتفض لها القلب سريعا بفضل الله وحده ومنَّته ويستيقظ من طول غفلته والرقاد ، وهذا فى النادر من الحالات ؟!

ولكن الغالب الأعم لكثير ممن تاب الله عليهم ، ان الكلمات الصادقة ، والنصائح القيمة تنفذ فى القلب نفوذ الماء فى التراب ، فيتخلله ويسكن فى زاوية من القلب مستترا .. وقد تمر أيام وشهور بل سنين طوال .. وهو ساكن مدخر فيها ، وتتراكم على القلب الكلمات الصادقة تلو الكلمات ويرتفع فيه منسوب الماء ، إلى أن يأذن الله له فى توبة ، ويتوب الله عليه ليتوب !! ( والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما .. يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا ) ..فى نبتة صغيرة _ نبتة تمثل حقيقة الايمان _ تنبت من جزع القلب التائب تطل برأسها مسبحة بحمد الله ؟! وقد ارتوت ونمت وترعرت من ذلك الماء والكلمة الصادقة وما تلاها من توبة العبد و عمله الصالح - فالعمل الصالح للايمان كالماء للنبات - ..
( لأن يهدي الله بك رجلا واحداً خير لك من حمر النعم ).. حديث شريف
فلا تبخل بكلمة طيبة ـ الأيمان عملية تراكمية - أدفع بالتى هى أحسن ، فرب كلمة حق أنت قائلها تيقظ قلوب من غفلتها .. وترتوى بها أنفس قد أيبست مع طول سنين الرقدة والجفاف ..