إلى
القلوب التائهة .. إلى البشرية الضائعة .. إلى من أفنى عمره يبحث عن لذة
عابرة ، أومتعة زائلة ، أوسعادة زائفة فى دنيا الكل يعلم يقينا انها
فـانيــــة؟!!!لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ... سورة التوبة
14 قرنا من الزمان ، والقرآن يتلى صباح مساء ، على الشاشات ، عبر الأثير ، فى المساجد ، فى الشوادر ، فى رسومات على الحيطان !!
بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون .. سورة المؤمنون
كم أنت مغرور ايها الانسان ؟! .. تعلم مايدور فى الفضاء ، ومايغوص فى البحار ، وأسماء الطير ، وما يَدبُ على الأرض ، وما تَكُنّه الجبال ... تعلم كل هذا ولا تعلم أقرب مخلوق إليك ؟!! يسكن بين جانبيك ، يلازمك أبد الدهر لا ينفك عنك .. هذا المخلوق .. هذا المخلوق؟! هو أنت .. أنت .. هل تعلم حقا من أنت ؟!!!
لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون .. سورة الأنبياء
لا يعلم حقيقة نفسك إلا خالقها .. ولن تعلم شيئا عنها إلا عن طريقه ..
أنظر الى البشرية البلهاء ؟! صعدوا بأجسادهم الى الفضاء ، وتركوا ورائهم أرواحهم تغوص فى مستنقع الدنيا تتجرع الألم والعذاب ؟!!!
ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ... سورة طه
هل نحن مجرد أجساد ؟!! تأكل وتشرب وتنكح حتى الممات ؟! أين الحكمة أين الرحمة أين السمو الروحى أين الأخلاق ؟!!!
يقول الاستاذ المفكر محمد قطب رحمه الله فى كتاب دراسات فى النفس البشرية
( مع التصرف ) :
يُعلمنا العليم القدير اننا كبشر نحمل بداخلنا كيان مزدوج الطبيعة ، ونحن بهذا الازدواج متفردين عن كل ما نعلم من مخلوقات هذا الكون، التي تمثل طبيعة واحدة ذات وجهة واحدة - فالحيوان من جانب والملك من جانب ـ وهما المخلوقان اللذان تجمعهما بالإنسان صلات كلاهما ذو طبيعة واحدة ووجهة واحدة.
لم نعد طيناً بحتاً ولا أيضاً روح بحت فالعنصران مختلطان ممتزجان مترابطان.. يتكون منهما كيان موحد مختلط الصفات ، فالانسان السوى يؤدي نشاطه الجثماني على طريقة الإنسان لا على طريقة الحيوان .. ويؤدي نشاطه الروحاني على طريقة الإنسان كذلك لا على طريقة الملائكة.
وتلك حقيقة كبرى في الكيان البشري، تنبني عليها كل أعمال الإنسان ومشاعره وتصرفاته في الحياة ، أي أنه يؤدي كلا نشاطيه بكيانه المزدوج الموحد، لا بأي من عنصريه منفصلا عن الآخر ومستقلا عنه ، والا أصبح انسانا غير سوى يتجرع فى دنياه مشاعر الألم والعذاب .. أنتهى كلامه رحمه الله .
ألا تطغوا فى الميزان ، وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان .. سورة الرحمن
يطالبنا الرحمن بالتوازن فى كل شئ .. كل شئ ، بدايةً من تحقيقه على انفسنا ، فى التوازن مابين الروح والجسد .. مابين متطلبات الأرض والتحليق فى السماء .. مابين كبح الشهوات وضبط المثاليات بعد معرفة البون الواسع بين الواقع والخيال .. لنحقق فى النهاية الغاية التى من أجلها خلقنا ، ونحقق حقيقة استخلفنا فى الأرض و العمل على عمارتها بمقتضى أحكام الشريعة ، و هدى رسولنا صلَ الله عليه وسلم خير الأنام ..
