الأحد، 30 نوفمبر 2014

" حــقـيـقـة الإنــســــان "


العقل والقلب الواعى نعمة ميَّز الله بها الإنسان على سائر الخلائق ، فهو يُعَد أكبرهم عقلا وأكثرهم فقها وعلما ، فما أعطاه الله عز وجل تلك النعمة الكبرى إلا ليزداد معرفة به وبأسمائه وصفاته ، فيزداد حبا وقربا منه ، و ينال السعادة الكبرى بطاعته و يُكتب له المفازة والخلود فى ملكوت الله ، ( في مقعد صدق عند مليك مقتدر ).. وقد نال تلك المنزلة العظيمة والمكانة الرفيعة بعد أن تفوق على سائر الخلائق فى تحقيق معنى العبودية بصورتها الشاملة وصولا لأعلى الدرجات فيها ،خاضعا محبا ذليلا بين يدى الله عزّ وجل .... و هذا بعض من فيض فى حكمة خلق الانسان وسر وجوده ..

( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين ) ..... ولكن هناك من انتكس - وهم كثير بل هم للأسف أكثر البشر - من انسلخوا عن فطرتهم ، وتنكّروا لعبوديتهم وتمردوا على الملك ؟!! ..
يغترّ أحدهم بنعم الله عليه ويظن أنه الملك !! له الحرية المطلقة ، لا يخضع ولا يذل إلا لهَواه ، اغترَّ بحلم الله عليه فهلك !!..
 

ثم رددناه أسفل سافلين .. أسفل سافلين والعياذ بالله ؟!! بعد ان سُلبت عقولهم وقلوبهم بل وحواسهم كلها ؟! فلم ينتفعوا بها فى الوصول إلى الملك !! بل تمردوا كذلك واستخدموها فى البعد والصدّ عنه..
فهم أجهل الخلائق وأبغضهم لله و أهونهم عليه ، وهم فى شقاق بعيد ( كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون )
....
( ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون )..
وحين لم يفقهوا معنى الانسانية وغاية خلقهم ، سُلبت منهم الانسانية ووسائل ادراكهم !! ..


فمنهم من غَرّه عقله وظن انه فى الإمكان الاحتيال على ربه ،فسلبه الله العقل و مسخه قردا !!
(فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خـاسئين ) ...
وكذلك كل منافق !! الصورة صورة انسان ، والأخلاق أخلاق القرود !!..


ومنهم من غَرّه علمه وفتنته الدنيا فباع دينه بدنياه ( آتيناه آياتنا فانسلخ منها )، و صار كلبا نهما ، يلهث بلا كلل ، فى خسة وراء كل من يطعمه شيئا من فتات الحياة !!
( ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه .. فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا ... )
وكذلك علماء السلطة وأدعياء الدين ممن يبيعون فتواهم بدنياهم ويتاجرون بالدين !!..


ومنهم من أعرض عن الوحى ، واستغرقته الحياة متلطخا بأوحالها ، فكان كالخنزير البليد الديوث النجس ، لايبالى بحِلّ ما يأكله ويشربه أو حتى ما ينكحه !!..
(من لعنه الله و غضب عليه و جعل منهم القردة و الخنازير و عبد الطاغوت أولائك شر مكانا و أضل عن سواء السبيل)


ومنهم الجاهل المعرض عن كتاب الله لا يتعلمه ولا يعلّمه، و كونه منتسبا لأمة محمد صلِ الله عليه وسلم فقد حُمّل الأمانة ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر .. ) ، فلم يكن له نصيب من حملها ، إلا كنصيب الحمار حين يحمل كتبا وأسفارا ولا يدرى ما بها !! ...
(مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله .. )


ومنهم ... ومنهم ....( أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا ) ..