الاثنين، 5 أكتوبر 2015

" التريث .. التحمّل .. التدبّر "


للصبر قيمة كبيرة فى دين الله فهو يُعد بمثابة نصفه ، على إعتبار أن الشكر هو النصف الآخر ..
 

وإذا تفقدنا كتب العلم وبسطنها أمامنا لنبحث عن معانيه سنجد للصبر فيها معانى كثيرة ، 
ولكن يمكنّا اختزالها إجمالا فى ثلاثة معانى واضحة لا لبس فيها ،
حبس النفس عما تتمنى ، وتحملها ما يشق عليها ، وآخيرا ثباتها على الحق رغم المصائب ..
أى بالمصطلحات الفقهية :_ الصبر عن المعاصى ، والصبر على الطاعات ، والمعنى  الشائع لدى العامة إلا وهو الصبر على البلاء ....

ولكن ما الحكمة وراء خُلُق الصبر وتبوءه كل تلك المنزلة الرفيعة ؟!! نحن لا نتسأل هنا عن معانيه فقد سردناها من قبل ، ولكن نتسأل عن أشياء من حكمة الله فى مدحه للصبر وحث بنى آدم على التخلّق به  ..؟!!
نتسأل لما كان حبس النفس عما تتمنى ممدوح ؟
وكذلك تحملها مايشق عليها ، ولِما أحب الله للناس الثبات على الحق رغم المصائب ؟!!

التريث .. التحمّل .. التدبّر معانى أصيلة تصاحبك ولابد فى رحلة البحث فيما وراء الصبر من حقيقة ..
( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا )

الأمانة .. ما علاقة الصبر بالأمانة .. ما علاقة التريث ، والتحمّل ، والتدبّر بالأمانة .. ثم ماهى أصلا الأمانة .!!!

الأمانة بحسب ما نؤمن وندين لله به هى أمانة التكليف .. أن نتعرف على الله حق معرفته ونتقرب إليه بمحبته ونطيعه ... أى هى فى كلمة واحدة العبادة وما يترتب عليها من ثواب وعقاب ..
فإن كانت تلك هى الأمانة فما علاقة الصبر بها إذا ؟!!

المعرفة .. التعرف على الله حق معرفته يتطلب الصبر ..
فالعلم يتطلب استقطاع من الوقت أى تريث ،
ويتطلب إفراغ الوسع أى مجهود وقدرة على التحمّل ،
ويتطلب حضور الذهن أى تدبّر ،
فالعلم إذا يتطلب تريث ، وتحمّل ، وتدبّر أى يتطلب صبر ...

فالكل مثلا يعلم أن الشمس تشرق صباحا وتغرب ليلا .. ما من دابة على الأرض إلا وتعلم هذا ..
ولكن من صبر وتعلم ، علم حقيقة الشمس وقوانينها حتى وصل بعلمه إلى أن رصد الانفجارات الهائلة التى تحدث على سطحها ، وابتكر وطور كثير من التطبيقات التى يدخل تأثير الشمس فى طبيعة عملها  !!
فهذا هو الفارق الحقيقى بين العالم ، ودابة تأكل من خشاش الأرض ..!!

الفارق الحقيقى مابين من تصبّر لمعرفة الله بإسمائه الحسنى وصفاته العُلى وتقرب إليه بطاعته ومحبته ، وآخر لم يصبر على الدنيا ولم يسعى لمعرفة ربه فكان أضل من الدابة وسجد للشجر والحجر ؟!!
( أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا )
وقضت حكمة ربك أن تكون فى تجارب البلاء والصبر عليها وسيلة للتعلم ودروس وعبر ( إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور )

فهل اقتصر دور الصبر فى حقيقته على معرفة الله حق معرفته وفقط ؟!!...

بالطبع لا .. فالعبادة معرفة ومحبة وانقياد .. فكيف تنقاد وتطيع الله بدون صبر ..
صبر عما يلهيك فى الدنيا ويضرّك ويبطرك .. وصبر على أوامر الله فيما فيه صلاحك ورقيك وسعادتك ..

نسأل المولى أن يكون فيما سردناه إفادة وأن نكون جانبنا الشطط ونختم كلامنا بقول العليم الخبير ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) ..


http://pnyadm-ashr.blogspot.com.eg/2015/10/blog-post_26.html#more